فلاسيات !!

[عتيق بن راشد الفلاسي]

رشفة فنجانك

ورشفة بعد رشفة من فنجانك، ما هو إلا استمراء ، بل تحايل أن تسقيني كل رشفة معنى الحياة وأنت مرتكز حركته، وسكونه.
هبيني منك سلوة في فنجان تنسيني عذابك، وتريحني حينا من الدهر من ذلة تجاهلك، ووقفة على مشارف فنجانك المتغطرس سقيت بها رشفة الياس ممزوجة بمرارة الحرمان.

ألا لا تعجليني وبل الدن يمري دواخلي بك، هل استدعيتك يوماً وأنت خارج حدود الحشا؟؟ أم هل استرويتك قهرا في هجير تجاهلك وبيني وبينك زفرة رئة، وشهقة أخرى!!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

وفي القهوة سرك الأسمر

وفي القهوة سرك الأسمر معلن هو لي ..
وفي سمرته شيء من عبوس شفتيك لحظة غيرة، أو لحظة فناء الصبر عن مداهمة أشواقي .

لا تديري الفنجان -بحقك -عليّ حتى أعطر مشافره بشيء من عطر حبك الممزوجة به أنفاسي الحرى.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا تتركيني مع الليل

لا تتركيني مع الليل قد أدرجني في سواده حين غاب القمر..وأنت قمر عمري يحيطني بهالته ن ويطوقني بدارته، وكلما نمت في أحضانه طواني في سكر رضابه فعشت العمر حضنه وكفى.
.
لا تذهبي عني بعيداً، فما شبعت من قربك الغالي وأنت بجانبي ، فكيف أشبع منه وخطو الفصل يزداد على قلب المحب تجافيا. لا تتركيني فما ملكت امرأة من نساء الأرض قياد شعرة مني ن ولا وقفت على التفاتة تطمعها في، فلتكن مهما تكن..أنتِ بكلهن فرد وحّد القلب مني حبه، كما وحد إليه اتجاهه ، فلا اتجاه غيرك يا مالكاً كل اتجاه ولاه طرفه ناظره.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا لا تنامي فصحو الليل يرسلني
اسقيك مني لهيب المنهل الصافي
قومي فديتك ما أحلاه من نفَسٍ
يزيده الشوق من محمرّّه الطافي​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لغير صبحك لا أغني

صباحك صباح مبارك نسج أشعة شمسه من بركة هذا اليوم الأغر المبارك، يغشاك فيضه كما يغشاك جماله، وددت أن أتخير لك فيه ما يتناسب ورقة طبعك، ودماثة خلقك، وجواهر إبداعك..فزكيت لك القلم، وذهّبت لك الحرف، ونثرت على أنفاس ذكرك أجود ما فاحت به كلماتي الممسّكة.

واسترشدت في صبحك برقي ذوقك، وإبداع ملمسك في تلك الفرائد التي تتخيرينها من مساقط أنداء الجمال الرباني في كون الله الجميل الساحر..وأنت من أنت إذا اخترت، أو اصطفيت ،أو حددت للعيون الجميلة لكأنما طوعت ببنانك البلورية مشاهد الطبيعة خاضعة لمقترحاتك ، ومنقادة لأمرك ..تأمرين فينفذ، وتقترحين فيستجاب، وتثبتين فلا محو، وترفعين فلا انخفاض لما رفعت ..

وأنا أمام اختيارك بلبلك الصداح يغني قصائد ذلك الاصطفاء! كأنما بكليتك تقفين أمامي تنقلين لعيني أجمل ما خلق الرحمن خاما خالصا سائغا للناظرين، وأنا على غصنك الفينان لك أغني، وبك أغني، وفي محيط بيتك الوارف أهدي ناظريك ومسمعك خلاصة حبي وأكاليل فني.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

جمع الفصول في دائرة تعذيبي ...

ما عهدتكِ سريعةََ الظَّعْنِ عن مقَرِّ حروفي ،مُدْبرةً عنها إدبارَ الخَلِيِّ ،معرضة ً إعراضَ القالي ،متنحِّيةً تنحيَّ الهاربِ ..وكأنَّها لم تَمَسَّ منكِ إحساساً حيَّاً ،ولم تُخالجْ مَكْمنَ مشاعرِك ،ولم تقْرَعْ بابَ قلبِك منتظرةً إذناً بالدخول ِ المعهود..فمررت بها مرورا أشْبَهَ بكريّاتِ الصّقيع ِ المتدحْرجةِ على بتَلاتِ التوتِ الغليظة،فلا شمسَ تحركُ الحياةَ فيها ،ولا روحَ منها تهبُها حيويةَ الحركةِ ،والأمر ُ –كما يبدو-وقْعٌ متلاحِقٌ مِنْ سِهامكِ الباردةِ على ماتبقّى لي من صبرٍ نافذ، وما كفاكِ اضطِرامُ نارِ حبك في جوانب قلبي حتى تستعملي في تعذيبي كلَّ مفردات الأضداد ..فبنار حبك تُحرقين ،وبثلج الصمت تُكْملين ،وكأنكِ على نية جمع الفصول كلِّها في دائرة تعذيبي ...

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

خارطة حبك

أجمل ما في خارطة حبك تلك المسارات التي أسلكها لأصل إلى تنبيه حواسك لي، ولا حرج أن يكون ذلك من قبيل التحرش بك وأنت مشغولة عني كأنني في واقع الحال لا أعني لك شيئا. هل تسمحين لي بمزاولة ذلك التحرش البريء من العبث، الساقط في شباك جنون، اللاهث خلف مشغولة لا تكاد أدبيات بوحي توقظ لها حسا أو تثير انتباها!!.

أما أنا فقد قررت أن أشبع بك إبرة قلمي شعرا ونثرا يبتز عجب من قرأه، بل ويبهر كل من اقترب منه أو حاول فك طلاسم شفرته..وقررت أن أمارس معك جنون الحب كله بعيدا عن تنبهك، بل بعيدا عن كيانك المشغول عن لغة حبي هنا..

وقررت أن أغلق بك دائرة اهتمامي فلا أحد يحظى بأحقية الدخول سواك يا ملاك إحساسي وأنس خلوتي وهمسي..فاستبقي جميع ما لديك من مخاوف ..إن أعمق دركات الحب ما جهله الواقع ، وكفرت به نظم المحسوس.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

فلنكن كما تشاء الظروف

في هذه الساعة همست روحك لروحي أن أقصري حبل البعد واجمعي لدقائق الزمن جميع خيوط اللقاء، فما بقي من عمر الدنيا ما يدعو إلى احتراق مهجة في انتظار مهجة ذوبهما الشوق والشوق هنا لا يعدو متعلقا من متعلقات الأسباب الواهية بين الاثنين..
فما منطقية الحرمان بين أرواح متفانية حبا إلا ضرب من ضروب الوهم المتخلق سرابا في رحم حقيقة تافهة تسمى الدنيا!!

ومع ذلك لا يا حبيبتي...فلنكن كما تشاء الظروف وتهوى، عيشي ببعدك، وفي صميم مجانبتك، ولنتعرف على حبنا وهو دعي النسبة لحياتنا، وليكن الحب في سجنه الأبدي ، وقراره السرمدي..مع ذلك سنتحدث بلاصوت، ونعشق بلا قلوب، ونشهق بحبنا وتفانينا في بعضنا بلا رئتين تقصران الشهيق والزفير عليهما..

وهبي الخليقة بأسرها لا تعيش خارج الجسد الشقي بها....نحن من عشنا فلسفة الجسدية خارج حدود الجسد، لأننا نحب خارج ظروف الحياة..ونحيا بنا طريدين من منطق البشرية وتعقلها.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

رسم بسمتك المتخيلة

أصبحت اليوم أرسم بسمتك المتخيلة في ذاتي تراودني عن نفسي مراودة المدل بحسنه المفرط في تعاليه وغنجه، وما بين ابتسامتك ونظرة عينيك تتآلف شوارد الأفكار الجميلة كلها لتؤلف سفرا في الحب المتنفس مع أزهار الصباح لا يقرؤه إلا أنا المشغول بجميع صباحاتك ومساءاتك ، المولع بطلوعك واختلاس نفرتك المصطنعة لظاهر نظري فحسب..وذاك حينما تتعمدين الوقوف خلف الشمس وأنا يدفعني الشوق الصبحي لك دفعا..ثم تعودين لأكمال مسير الموت فيك رغم إمدادات الحياة..

أخبريني -بحق حبنا الغالي - ما سر امتزاج بسمتك الصباحية مع نظرتك المشمولة بها نظرتي الخافتة الرابضة بين محجريك وآكام النعاس في حدقتي تكاد تحول بيني وبين لفتة الوجود..إلا وجودك ذلك الجبار المستوطن مني كل شيء حتى بنيات النعاس الممزوجة بأحلام الليل، وإنذرات الصباح. وفي امتزاج البسمة بالنظرة تتشكل قسمات وجهك تشكلا صبحيا خاصا يريني سرا من أسرار الوجود في إعلان السيادة والملك والهيمنة في واقع نظرة تتعب الفكر كثيرا لو نوى ائتلافها مع بسمة الصبح ، وبسمة شفتيك المتحدثتين بلغة لا يعيها ولا يفقهها إلا من استوطن حمرتهما، وعاش فلسفة السحر القاتل بين إطباقهما وروعة انفراجهما...

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

عاشقة الصمت

مهلا يا عاشقة الصمت!! لن يحيرني صمتك كثيرا، لك ومن حقك إملاء دروس الصمت على حالي، ومكتظات لهفتي إلى كلمة منك، وقد تجدين مني نعم المتلقي ليس من باب الرضا القسري إنما هو دبيب ذرات الصمت في مسارات شراييني وهي المستفزة منك كل ساعة وحين..لكن في صمت!!

لن أتكلم، لن أرتكب جريمة البوح، سأغلق دون صراحتي جميع الأبواب مهما صرخت بك دواخلي، ومهما نادت باسمك عظامي، يكفيها الليل ميدان الأنين، ومسرح البوح بك..لكن في صمت.

أنا المجنون هنا برخصة من قيس أن يهبني بجدارة لقب الجنون، وأنت ليلاي خالية من رخصة سوى رخصة التمنع المشوب بالصمت كيما تقر به عينك، ويرضى بمرارته في حلقي نهمك، وهل بين بطلي العشق التاريخي يسكن حي إلا ذاك الذي ترخص، وتلك التي ترخصت..لكن في صمت.

صدقيني إن هذه التمتمات التي تتقاذف في حضنك الصامت مني لم يسغ لها يوما أن تعنون ذاتها، وموضوعها بعنوان يقبله ذولب، وما ذاك إلا لأنها تقتل كل يوم بسكين صمتك الباردة ولا ولي ثمة يطالب بقصاص لأن الولاية في يد القاتل، والقصاص يتنقل بين الصمت والموت لأن الجريمة تتم في منتهى الصمت..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

سر فشل العشاق

ما فشل العشاق إلا لأنهم أحبوا بصوت عال، وما أخفقوا في ابتلاء الهوى إلا لأنهم شرحوا مكنوناتهم ساعة يقظة عين الشمس وهي تفضح الخليقة على صفحات الضوء الكاشف..وما سلطت سياط الذل عليهم إلا لأنهم نفخوا أرحام الكلمات بسعير شكواهم فسيموا ذل الشكاية مع ما عليهم من ذل الحرمان، وقسوة صمت من تهوى قلوبهم!!

ولو أبصر العاشق محبوبه بعيدا عن مربع المعروف المألوف المشاهد لأراه الله سمو الأرواح في سماواتها العالية بعيدا عن ضحالة المألوف من العالم الإنساني هناك..وبالتالي بعيدا عن القيل والقال ممن لا يجيد أبجديات هذه اللغة فضلا عن خباياها، وتلك هي النظرة الفارقة بين من قرأ ملامح الإبداعية الربانية في الكون وفق ضيق نظرته الخاصة ، ومن قرأها وفق فلسفة من خلقها، وأرادها، ثم قال لنا..(سيروا في الأرض فانظروا..). وهل وقفت طاقة النظر عندي وعندك؟ إن هذا النظر سرمدي الرحلة في ملكوت الله لا يقف حتى يقف إبداع الله في هذا المخلوق المسمى سيد الكون، وخليفة الله في أرضه!! وهو المخول أصالة بقراءة لغة الأبداع الرباني دون غيره يوم أن علمه الله الأسماء كلها ثم بثه في كونه لقراءة الأبداع ومحاولة تسيير الرحلة بلا قيد ولا شرط..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

حدثتني حروفي

حدثتني حروفي الآن وأنا أكتب وأنت أمامي كأنما تستعطفك ألا تبرحي المكان، ولا ترحلي حتى لا تذهب نشوة الكلمات ، ويجف المعنى في حلق السطور. وما ضر أن أشاهدك وأكتب، وما الإشكال أن أغترف من ملامح اسمك مداد أدبياتي فأشعلها بوهجك القاني كما أشعلت مفاصلي بمعرفتك الصامتة أشد في بعض الأحيان من ثلج صمتك! .
وما عسى أن يضر لو كتبت وأنت ملء حدقتي كالمتزامن ساعة توارد الخاطر مع توارد قسمات النظر، وهو يارعاك الله ما هو إلا مطر المعرفة المتساقط وابلا فوق رقعة الفكر وأنت أدرى بخطورة النظر لو أحكم الناظر عقد الحبل بين النظر وبقية أوصال الجسد..

وافرضي أنني استمريت الكتابة وأنت أمامي هنا! ثم أدمنت هذا القدر الجميل ..أليست النهاية أنت! أليس الختام من مجريات معركة القلم مع النظر هي أنت! أليست لبنة البيان هنا لصنع أريكة يحرم الجلوس عليها لأحد إلا لك أنت!!

وما ذنبي أن أكتب في هذا الجو القائظ ولا أرى في الدنيا إلا ظل بستانك يورفني بأغصانه، ويمتعني ببرد زلال مائه، ويطمعني أن أكتب أكثر فأكثر !!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

مغنطة قربك وفن الابتزاز

قولي ما شئت، واكتبي في صفحة عيني ما بدالك، وواري خلف أسوار الكلمات ما حلا لك من حقائق المكنون، وأقصيني عن مزاحمة حرفك كيفما طاب لخاطرك الغالي!..إنني بمجامع حواسي هناك حيث سباحة أناملك الغضة وهي تكتب، ولولا مخافة كشف سر الحب المصون لأعلنت عن ميدان قلمك مسكنا لروحي دون جنان الدنيا، وزهرة بسطها..

اكتبي واكتبي..ثم أجري حروف اسمي على لسانك كيما يحظى اسمي بقبلة شفتيك المنغمستين في دماء قلبي ما أكسبهما أطياف الورد القاني المشرف على الدنيا بلونه الأحمر القاني..ثم رددي ذكر اسمي وشفتاك تحتضنانه بأروع من حضن الأمهات، وأعطف من سوق السحاب الماطر على أرض عطشى غازلها السحاب فابتسمت حياةً، واستقرت على دموع الندى خلودا..واحذري طغيان اسمي فإنه من مغنطة قربك تعلم فن الابتزاز كما تعلم قلمك اليوم معي فن الجذب ، وسياسة الارتواء.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ارحميني من سكون هذا الليل

ارحميني من سكون هذا الليل الشارد بي عن عالم الأحياء عبر متاهة لا ظل لها، ولا ماء ولا هواء، وليس ثمة إلا اختناق بدخان غيابك البغيض هذا في ليلي هذا، في غرامي هذا..وأنت التي ما أخلفت مع نبض قلبي يوما موعدا، ولا أخطأتك دقاته أن تشعرك بوجدي الصارخ في ليل بالهموم صارخ، وأرق أبى إلا أن يذيق جفني متى يكون الحب ويلا من فكر، ونبض، وهم، وليل..وواهماه منك وقد ضمتك الأماكن غير مكان لم أعرفه يوما إلا بصحبتك، ولم أأعترف بمقره يوما إلا وأنت متوهجة في إنسان عيني كقرص القمر المتوارد مع شعار سماره وقد باتوا على نوره بين متأوه وشاك، ومتململ وباك، ومنغص رأى في بصيصه حُنوّ يد تزيح عن كاهله هموم النهار وأثقاله..

إن كان المكان الخالي مني حوتك زواياه فإني وحق من أنبت من حبك مادة عظامي لم أجد معنى المكان، ولا مفهوم الزمان إلا إذا شرحتهما لي بسمة ليلك، وهمسة نهارك يا كل الليالي أنت فيها القمر!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يعرفني الليل عليك

يعرفني الليل عليك على غير المعتاد من بوادر المعرفة، فأنت بالليل عالم سماوي ملائكي في طهر السجايا، وعالم ملكي أرضي في سجل الاستدلال الخلقي حينما تكسر خاؤه بعد ضمها في العالم السماوي. وما أنا بين الوسطين إلا نتيجة حكمية تأثرية تغويني سماؤك فلا أعرف أرضا، وتسحرني أرضك فلا أعترف بسماء..وما بين الخلقة والخلق وسط مشترك كتب الله ألا يكون اكتمال طرفيه في حيز التعادل إلا في الأنثى حينما لا يطغى خلقها الأرضي المشتركة فيه مع بني جنسها مع خلقها السماوي المشتركة فيه مع العالم الملائكي العلوي..

وأنت من عشقت فيك صدق القول وليس بأقل من عشقي فيك رسم شفتيك كأنما أرى في خطف وبساطة افترارهما للصدق كيانا ولونا هو بالمحل الأوفى من دائرة عشقي وحبي..

وأنا من عشقت عودك المقدود على مستوى التسامت مع هيبة مشيتك، ووقار حشمتك ، وبين العودين لا تبعد المسافة إلا في اختلاف التسمية بين مصطلح وآخر..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يلتف صبحك هذا بي

يلتف صبحك هذا بي، يطوقني كاستدارة باقة الورد بقلبها، وأنا قلبك لو فقهت يوما سر التمازج الروحي بعيدا عن تلك الصنعة البشرية المفتعلة والتي لا تتصل بطبيعة الكون الصامتة في شغل، المشتغلة في صمت..
هيا انظري معي إلى هذا الصباح كيف تغرد فيه طيور الأرواح المحبة لتسكب في سمع الكون الجميل لحن تلك الطبيعة البسيط العظيم، وليتنا نشتري من الطيور غيبوبتها الحائلة بينها وبين قسوة المادة التي أفرطنا جدا في ترديد أغنيتها السمجة حتى عدنا إلى طينتنا بلا أرواح، وغنينا للصباح بلا حناجر..

أتعلمين كيف قرأتك هذا الصباح؟ ..لقد تفحصت في هدوء تام لوحات الطبيعة البكر التي طالما قرأتها في أجندة زاويتك فرأيتك فيها مع قطرات المطر وكأنها أنت، ومع أوراق الشجر وكأن في وريقاتها الندية شيئا من مساقط دمعك، ومع عبث الخرير بنسق السلم الموسيقي وكأن فيه عبث أنغام صوتك الشجي بأنفاس الشوق تحيلينها بدعابة كلماتك فنا من نوع عصفوري الوشوشة..وفي البحر لك مقام، وفي الرياح إذا توافدت مع شروق الشمس وكان وجهك وسيطا بينها وبين واردات الغرام على مستقر فكري..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

على عزم الرحيل

حينما تخلو حروفك من مجرد الإشارة إلى جهتي أدرك حينها كم بين انتظار لهفتي وانشغالك المنقطع عني، وأنا من أتحين الشمس عند طلوعها لألقاك شعاعا من أشعتها المرسلة، وأتحينها عند الغروب لأصافحك وأنت في وهج الشفق ، وأتحين النجم يهديني إلى وجهك المتسلل من حنايا النافذة المشرعة على دربي إذا قال الليل للشمس لا..لا ترجعي!!
ولا أراني إلا على عزم الرحيل عن مضارب قومك حتى لا أقتل قلبي كل ثانية بسكين انشغالك مرات ومرات يا ملكة الصمت المخيم على قبة قلبي المتهالكة..وحينما تخلو الديار من ظلي غدا ستخلو حتما من بكائي المفرط المزعج، وإلحاحي على قلبك الشارد عني أن يقبل وهو طي النسيان تشغله الدنيا بمن فيها سواي!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

مغالطة

أي مغالطة تقعين فيها مع ذاتي الفانية بك فناء لا برء له إلا بوجود أستمده من وجودك النائي عني، وما ذنبي أن تزاحمك الغيد علي والجميع مدرك أنك مقصودة أنفاسي، وملهمة أشعاري لا أستريح حتى تصلك وحدك أنفاسي المتقطعة من شدة الجري واللهث خلفك وأنت من جف حبر قلمك أن يذكرني يوما أو يرحمني فأنساه للأبد..

عجبا لحالك كيف تحملينني ذنب الغير وتسيئين الظن بحروفي وهي الموقوفة في خية بابك لم يبق لها سوى لغة التصريح وهو ما لا يتفق مع عمق البيان الموسوم به حرفي أينما كان..
أنت وحدك محبوبتي وقد خلت الدنيا فلم تلد أنثى تنزف مني بحور الأدب سواك.
أنت وحدك وما نساء الأرض إلا شركاء تاء التأنيث معك دون الوقوف معك على أرض المعاني لو أحسنت الظن يوما، وأنت وحدك محيطات القوافي في حياتي والحب لم يزل في كياني طفلا ولو عاش الدهر كله..فاشتغلي بما شئت عني إن زمن البقاء في ميادين قهرك وقتلك لي سيطعمني الموت ألف ألف لون، وألف ألف شكل..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

بين قرب الرسوم وقرب الجسوم

يشدني المكان الذي يحمل اسمك كأنما ضاقت علي الأماكن على اتساعها ورحابتها فهاجرت إليك حيث أنت، وحيث منجم إحساسك بي وبقربي لأطيل المكث فيه لا عن ثقل وبلادة حس؛ إنما هو دفء قربك الذي لا تعوضني عنه تصاريف الجمال الكوني كلها. وبقربك، أخالف الظنون جميعها في فاعلية قرب الرسوم كما هو الحال في قرب الجسوم، بل إن الإحساس بالرسم على بعده كفيل أن يهبنا في حلوقنا طعم الأشياء وما زالت في حيز المفاهيم والرؤى العقلية..

أحب كل موضع أنت فيه، كما يذيبني الحب في كل طلب تطلبينه مني لأغير قراري على الفور كان أم تراخيا، ولكل مكان ضم رسمك وجود عملاق في عالم مشاعري لا يقوى سوى قلمي الإفصاح عنه ، ومع ما أنهي كل يوم من الأقلام لأجل عينيك حتى يطول شرحي لقضية وجودك بين عظمي ولحمي!! ..فلا تعجبي من عشق المكان وبين زواياه تكمن حقيقة نزفي هنا..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

بمن التشبب

بمن التشبب والحبيب مباعد
بيني وبين سنا ضياه سباسبُ
مازال مني معصمي ولثامتي
ولموق عيني محجر وحواجبُ
لو قيل لي أي الحسان تنيلها
منك اصطفاء قلت ذاك العاتبُ
أنا في الهوى غرّيده وحبيبه
ولصيقه وطليبه والطالبُ
وجليسه أنسا أجلْ وربيعه
وصفيه ورغيبه والراغب
ووداده وغرامه وهيامه
وجنونه عشقا وشوق غالبُ

من مرتجلاتي