" تأنيب الضمير الإنساني "

أبو سلطااان

مؤسس و رئيس الفريق التطويري
طاقم الإدارة
إنضم
8 يونيو 2008
المشاركات
5,874
العمر
112
الإقامة
?!?!
قبل عدة أيام حلت في منزلنا حمامة ( الحمام الزاجل ) ، نزلت في المساحة التي أمام الباب الداخلي للمنزل ، من ملامحها كان يبدو عليها التعب والارهاق والجوع ، سارع الأطفال باحضار الماء وشيئا من الطعام ووضعوه أمامها لكي تتناوله ، كانت فرصة جميلة لاقناع طفلتنا الصغيرة لتأكل وجبتها وهي تشاهد الحمامة تتغذى ، بقيت على هذا الحال عدة أيام لتتكون علاقة جميلة بين فاطمة واخوانها مع هذه الحمامة المسكينة ، كانت الأماني أنها سوف تتحسن وخصوصا أنها أخذت تتجول في المنزل وبكل أريحية والاطفال يلعبون معها ، ولكن مساء الأمس ومع اقتراب موعد الافطار تقدمت الحمامة باتجاه المطبخ ، حيث تعود الأطفال في تلك اللحظات مع كل مساء بتقديم لها بعض من وجبات مائدة الافطار ، الا أن هذه المرة وعندما اقتربت منهم انزلت رأسها للأرض ولم ترفعه ، في تلك اللحظة تقدمت الصغيرة تصرخ عليها كما اعتادت كل يوم ( كاك كاك ) ولكنها لم تتحرك ، أسرع أخوها ليتأكد ما بالها لا تتحرك ولماذا لم تقترب من طعامها ، فجأة وهو يتحسسها نادى والدته بصوت مرتفع ( ماماه ماماه ماتت الحمامة ) ، جاءت والدته مسرعة ومعها عاملة المنزل وبقية أخوانه ، لقد وجدوها قد فارقت الحياة وأنهت العلاقة التي تكونت معهم لعدة أيام لبلوغ الأجل ، لذا كان من الطبيعي أن يسود الحزن على وجوههم لفراقها ، إنها الطبيعة الانسانية التي جعلها الله في شخصية كل انسان أن يشعر بالاسى عندما لا يستطيع انقاذ أي روح حتى لو كانت حيوان أو طائر ، هذا الشعور لا يكون فقط في سلوك وشخصية الانسان المسلم بل يوجد مع كل أصحاب الديانات الاخرى ، حيث أن عاملة المنزل ليست على الدين الاسلامي ، الا أنها كانت حزينة جدا وبدأ على ملامحها اللوم واللاسى لعدم قدرتها مساعدة أو عودة الحياة لذلك الطائر .
أعزائي القراء إن مقدمة قصة موت الحمامة جعلني أضع تساؤلا لإولئك البشر من بني آدم ، الذين يسعون في الارض فسادا لما يرتكبوه من جرائم قتل واغتصاب وتدمير ، إلى أولئك الذين يتلذذون بزهق الارواح في الحروب الظالمة التي شنوها على المجتمعات المسكينة ، إلى إولئك الكائنات البشرية التي تشكل جماعات القتل والارهاب ، إلى ذلك المخلوق الانساني المجرم الذي تعود بالاعتداء على الابرياء ولو تطلب الأمر قتلهم وذبحهم ، إلى كل روح شريرة تكره الخير والمحبة والسلام والتعايش بين الأمم في هذه الحياة ، أقول لهم ما هي القلوب التي تحملونها ؟ وماذا تعني لكم الحياة ؟ الا توجد لديكم مشاعر الرحمة كالتي حظيتوا بها وأنتم صغارا ؟ ، الآ يشكل لكم قتل إنسان نوعا من الألم النفسي وتأنيب الضمير الإنساني ، الا يلغي من قلوبكم مشاعر الفرحة والسعادة نظير ما أقترفتموه من جرم وظلم ؟ يا لقساوة ومرارة هذه الحياة التي يعيشها كل الذين سبق ذكرهم ، كذلك هذا السؤال موجه ليس فقط لمن اقترف جرائم القتل ، وانما أيضا لكل روح تسببت في ظلم البشر وشاركت في جرائم الفساد وأكل حقوق الآخرين ، ما هو الشعور الذي يتولد لديكم بعد التسبب والمشاركة في كل جريمة ..؟؟!!
ختاما أسأل الله العلي القدير لي ولكم بمنه وكرمه وجوده أن يرزقنا قلوباً وألسنة تلهج بذكره وأن يرزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسناً ذاكره وجوارح تعمل في رضاه وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ..

د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com

الأحد :- 2020/5/17م
1B88C835-8344-4334-A35E-A1FC1202B5A0.jpeg
 
أعلى