في ظل معايشتنا للوضع الراهن الذي يمر به العالم مع تفشي فيروس كورونا الغامض ، أصبح لدينا هاجسا بمتابعة أخبار رأس الساعة في العديد من القنوات التلفزيونية ، وكما تشاهدون العالم في حالة استنفار ( الدول والمنظمات والفرق التطوعية ) الكل يتحد من أجل وقف انتشار هذا الوباء ، إلا أن عالمنا العربي لا زالت الخلافات السياسية بين بعض الدول تعيق من حبل المودة وحسن الظن والعمل المشترك ، هذا التنافر لم تسلم منه الأوضاع الصعبة الراهنة التي تستوجب من الجميع التعاون والتظافر من أجل المساعدة نحو إنقاذ حياة البشرية ، إلا أننا عندما نسمع أخبار قناة تلفزيونية عربية تحكي بكل سلبية عن جهود دولة عربية أخرى في تعاملها مع انتشار فيروس كورونا ، وأن لديها تقصير في عملية التعاطي مع تفشي هذا الفيروس ، لترد عليها القناة التلفزيونية لتلك الدولة بأنه توجد معاملة غير إنسانية للعمالة الأجنبية الموجودة في الدولة العربية المضادة لها ، وأنها لا توفر سبل الوقاية اللازمة لحمايتهم من الإصابة بهذا الفيروس ، ليتواصل بعد ذلك السجال والاتهام بالتقصير والعنصرية بين كل من الدولتين مع كل نشرة أخبار ، حتى كرهنا وسئمنا متابعة الأخبار عبر تلك القنوات المشحونة ، إلى متى ستظل الخلافات السياسية بين بعض الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي ، تلقي ظلالها على مختلف نواحي الحياة والمتضرر دائما هي الشعوب العربية ، لماذا يتم نشر غسيل الخلافات السياسية فيما بينكم أمام ناظر العالم والبشرية ( فضيحة وقميحة ) ، متى سنكون قدوة للأمم الأخرى وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمواجهة عدو خطير تتألم منه البشرية وهناك من يموت ، هل في ظل هذا الوضع الصحي الماساوي يحتاج الأمر إلى التراشق الإعلامي بسبب بعض الخلافات السياسية ، لماذا لا يكون هناك تعاون من أجل البشرية والإنسانية وخصوصا أن الجميع يواجه عدواً واحداً ، وفي هذا الصدد أتذكر قصة حدثت عام 1940م مع أحداث الحرب العالمية الثانية حيث سقطت قاذفة القنابل الألمانية التي كان يقودها الطيار ( هورست شوبيس ) بعد اشتباكها مع طيران العدو الإنجليزي ، حينها لجأ الضابط الألماني ومعه اثنين من طاقمه إلى كوخ موجود في وسط الثلوج من أجل الاحتماء من شدة الصقيع ، لكنهم لم يتخيلوا أن ذلك الكوخ قد احتمى به طاقم الطائرة للعدو الإنجليزي ، لذلك كان اللقاء صادماً ومتوتراً في البداية ، ولكن كانت المصلحة تقتضي أن يقاتلوا معاً ولو لمرة واحدة ، البريطانيون والألمان ضد الصقيع والجليد ، قتال خسارته تعني القضاء على حياتهم جميعا دون تفرقة ، في داخل ذلك الكوخ الانجليز والألمان نسوا عداواتهم وتذكروا فقط إنسانيتهم ، لذلك تشاركوا مع بعض في الطعام والشراب من أجل مواجهة محنة الصقيع ، إلا أن الدورية النرويجية لم تترك نهاية جميلة لأحد الطرفين ، ولكن ما حدث في الكوخ من تعاون ونسيان العداوة والخلاف عندما واجهوا عدوهم المشترك الثلج والصقيع هو ما نستنتجه من عبرة لهذه القصة .
اليوم العالم يصارع ويقارع فيروس كورونا من أجل استمرار الحياة ، أليس من الأولى من قنواتنا العربية أن تسخر طاقاتها وتوحد الهدف الانساني الذي تسعى له جميع المؤسسات والمنظمات ، لماذا هذا الجهد غير المحمود في البحث عن أي إشاعة أو أمر سلبي لنثير به الرأي الإقليمي والعالمي ، الكل في العالم يوحد الجهود نحو مقاومة فيروس كورونا وهناك قنوات عربية تغرد خارج السرب من أجل اثارة الفتنة وبث الشر ، ارحموا الوطن العربي من السموم التي تبثها قنواتكم التي لا فائدة ولا جدوى منها الا قطع أواصر المودة والمحبة ، قولوا خيرا أو اصمتوا فلقد تشنجت أعصاب الشعب العربي مما يبث وينشر ، ساهموا في الوقت الراهن نحو التوعية بهدف وقف انتشار فيروس كورونا في المجتمع العربي ، انشروا كل ما هو معزز وإيجابي فلقد أُجهدت الشعوب مما تسمعه من الأخبار السلبية حول انتشار هذا الوباء ، اجعلوا من فيروس كورونا نواة للتوافق حول كيفية القضاء عليه لا أن نتحول بسببه إلى قنوات للتراشق ..
يا رب اكشف الغمة وأصلح الأُمة .. آمين
د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com