قادة الإمارا ت يتقاسمون مع مواطنيهم فقرهم قبل قرون من تقاسمهم نعمة الثرااء

دبلوماسي المحافظه

¬°•| فخر المنتدى |•°¬
إنضم
11 ديسمبر 2010
المشاركات
6,988
الإقامة
جنة عمان (البريمي)
سالم المزروعي: وقف الإماراتيون، كبيرهم وصغيرهم، تحية في استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي حين قام بجولته في مدن الإمارات المختلفة الشهر الماضي.

كانت المشاهد لافتة فيما عكسته من حفاوة عشائرية وشعبية، تلك التي استقبل بها الناس الشيخ محمد مكلفا من أخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

تركيبة الثقة تبدأ من رئيس الدولة الذي كلف أخاه - ومعه أكبر تجمع للمسؤولين الإماراتيين الاتحاديين والمحليين - في أن يتجول ويستمع إلى المواطن في مدينته. وتمر هذه الثقة بمشهد حكام وشيوخ ومسؤولي تلك الإمارات وهم يستقبلون الشيخ محمد ويتبادلون معه وجهات النظر في قضايا الوطن والمواطن. وتتجسد الثقة، أكثر ما تتجسد، في حشود المواطنين الذين توافدوا لتحية واحد من أهم رموز القيادات الشابة والواعية في العالم العربي، بل والعالم عموما.

جاء كبار السن ممنْ عاصروا عهد الراحل الشيخ زايد، مؤسس الدولة ليروا في إبنه أمان مستقبل أبنائهم. وتوافد الشباب ليتلمسوا عن قرب كيف تتحول رغباتهم وتطلعاتهم إلى سياسة للدولة تراعي التاريخ الخاص لدولة الإمارات وتطلعات قيادتها وشعبها نحو المستقبل.

ما حمله الشيخ محمد في جولته هو الأمل والثقة والأفكار والأذن التي تستمع والعين التي ترى. حمل معه رغبة أخيه في أن يكون الشخص الذي يتحمل مسؤولية تلمس ما يريده الإماراتيون من قيادتهم.

ما لم يحمله الشيخ محمد بالتأكيد هو مال يوزعه. إنه رجل دولة بالمعنى الحقيقي للكلمة وليس في تاريخه ما يشير يوما أنه يرى الأشياء من منظار المال وشراء الولاء.

بالأساس، لم يكن المال أساس العلاقة بين الحاكم والمواطن في الأمارات. فثراء النفط حدث متأخرا زمنيا في تاريخ الدولة. ومنح الناس ولائهم لشيوخها منذ قرون ثقة منهم بحكمتهم ومنذ كان الجميع يتقاسمون شظف العيش على حافة الصحراء.

تقاسم قادة الإمارات مع مواطنيهم فقرهم قبل قرون من تقاسمهم نعمة الثراء. وتقاسموا أيضا مسؤولية الحكم والدفاع عن هذه الأرض بلحمة جماعية يحسدهم عليها الآخرون.

عندما آل الأمر للشيخ الراحل الكبير زايد، وتزامن ذلك مع اكتشاف النفط، بقيت مفردات العلاقة بين الزعامة والمواطنين على حالها، ونال الإماراتيون من بحبوحة العيش الرغيد ما لم ينله غيرهم من شعوب الأرض.

هذه العلاقة التاريخية قد لا يستوعبها شاب ساذج أو قادم جديد إلى دولة الإمارات اجتذبته رغبة مشاركة الإماراتيين خير بلدهم وتسامح حكامهم. كما لا يستوعبها شخص لم يكلف نفسه فهم جذور العلاقة بين الحكام ومواطنيهم. ربما لم يعاصر كيف قدم أهله للإمارات ولماذا اختاروا هذا البلد مقاما لهم، أو أن أهله لم يرووا له حكايتهم. الإماراتيون الأصلاء يستمعون مليا إلى روايات الأجداد والآباء ليكونوا قناعاتهم على خلفية اجتماعية وتاريخية متكاملة. أما العابرون فيهرفون بما لا يعرفون.

لهذا تبرز أصوات شاذة بين الحين والآخر يغريها الظهور على شاشات الفضائيات أو كتابة سطور على مدونات الانترنت.

حالة "الناشط" أحمد منصور هي مثال على ذلك. هكذا وبكبسة فأر- طالما نحن في عصر فئران الكمبيوتر - قرر أن جولة الشيخ محمد "رشوة" للإماراتيين!
هل هذا ما فهمه الناشط من تلك الزيارة؟ هل لديه طريقته الخاصة في تفسير الأمور خصوصا عندما يتعلق الأمر بالظهور على قناة أميركية لا نريد الخوض بتاريخها وتوجهاتها؟

لا يستحق مثل أحمد منصور منْ يرد عليه. كل يوم من تاريخ دولة الإمارات، قديمه وجديده، هو الرد. خليفة ومحمد وإخوانهم يحملون راية البناء والوطن والمواطن عاليا. لا يحتاجون لمثلي ليمتدحهم ولا يضيرهم نقد ساذج من "ناشط" موهوم بفهم قاصر.

توجه يا أحمد منصور إلى الناس واسألهم ربما تفهم ما عجزت عن فهمه من خلف شاشة الكمبيوتر أو من وراء عدسة التلفزيون الأميركي. فركوب موجة التغيرات في المنطقة لا يعكس واقعا تعيشه الإمارات. بل لا تصح حتى المقارنة بين واقعهم وبين واقع الآخرين، دع عنك مقارنة عطاء حكامهم وقربهم من مواطنيهم مع غيرهم من زعماء المنطقة.

إن كان ثمة شيء يريده الإماراتيون فهو ترسيخ العلاقة مع حكامهم. تلك العلاقة التي خضعت دائما لاختبار السنين ونجحت مرة بعد أخرى. هذا الدرس الذي فات أحمد منصور أن يستوعبه.

• سالم المزروعي، كاتب إماراتي
 
أعلى