«هبطات» العيد في سلطنة عمان.. أسواق تقليدية تفوح منها رائحة الأصالة

قيادة حرس الرئاسة

¬°•| ђάсқεя~4έṽέя |•°¬
إنضم
9 مايو 2010
المشاركات
9,144
الإقامة
AUSTRIA
daily1.595399.jpg


daily1.595399.jpg


في كل مكان في سلطنة عمان تنتشر المجمعات التجارية الكبيرة التي تضم محلات عالمية توفر جميع ما يحلم به الشباب قبيل العيد، ولن يخونك التعبير، عندما تقول إنها تشهد زحاما كبيرا قبل دخول العشر الأوائل من ذي الحجة، لكن في المقابل، ثمة سوقا شعبية تقام مرتين في العام الواحد، مرة قبيل عيد الفطر ومرة قبيل عيد الأضحى المبارك، الذي يعرف محليا بـ«الهبطة».
وتستعرض وكالة (د.ب.أ) في تقرير لها، هذه السوق الشعبية التي تضم جميع احتياجات الأسر للعيد، بدءا بالأضحية التي لا يشتريها العماني إلا من سوق الهبطة وانتهاء بالحلوى العمانية.

ويختلف موعد إقامة السوق من ولاية إلى ولاية، لكنه لا يقام غالبا قبل يوم الخامس من ذي الحجة، وصار معروفا لدى الجميع بأن هبطة سرور تقام في يوم السادس من ذي الحجة وهبطة سناو والخابورة في يوم السابع من ذي الحجة.

ووفق هذه المواعيد يقطع العمانيون مئات الكيلومترات لحضور السوق، وفق تقليدي شعبي له أصوله.

وعلى الرغم من النقلة الحضارية التي شهدتها سلطنة عمان خلال السنوات الماضية، التي أفرزت أسواقا عالمية، فإن حضور الهبطة لا يزال يشكل تقليدا يحافظ عليه حتى الجيل الجديد، مفسحا للماركات التقليدية التي توجد في سوق «الهبطة» مساحة مهمة وأولوية قصوى.

ويرى خالد بن عامر الحبسي، من ولاية المضيبي، أن الوجود في الهبطة واقتناء أغراض العيد أمر لا مفر منه، على الرغم مما تقدمه المولات والمجمعات التجارية العالمية من مغريات، فهي تبقى جاذبية متأصلة في نفوس الجميع.

وعلى الرغم من أن الهبطات ارتبطت ببيع الأغنام والمواشي، التي يقتنيها العمانيون للتضحية، فإن جميع مستلزمات العيد تكون حاضرة، وبقوة في الهبطات، إضافة إلى الحلوى العمانية التي لا يكتمل العيد إلا بأكلها، وتقديمها للضيوف.

ويزور الهبطة الرجال والنساء والأطفال، حيث تقام على هامش السوق سباقات للجمال، واستعراضات للخيول العربية الأصيلة، وعلى الرغم من أن هذا الطقس اختفى من بعض الهبطات فإنه ما زال موجودا حتى اليوم في الكثير منها.

ويرى سلطان العزري، أحد الذين عايشوا الأسواق التقليدية في الحقبة الماضية، أن ثمة تراجعا في الكثير من الطقوس التي كانت تصاحب إقامة مثل هذا السوق.

ويفسر العزري كلامه بالقول: إن زوار السوق في الفترات الماضية يحضرونه وهم بكامل هندامهم الرسمي، حيث يرتدون الدشداشة العمانية والخنجر وتعلو رؤوسهم العمامة العمانية، لكن الآن تجد حتى كبار السن تخلوا عن لبس الخنجر خلال حضورهم للهبطة.

وهو أمر طبيعي كما يراه سليمان الجابري قائلا: «لا نستطيع أن نقول إن الحضارة لم تؤثر على هؤلاء البشر سواء بالإيجاب أو بالسلب، الذهاب للسوق بالخنجر في هذه الأيام أمر لا داعي له».

ويختلف أسلوب بيع الأغنام والأبقار في الهبطة باختلاف المناطق، حيث يتم بيعها في بعض «الهبطات» بأسلوب المزايدة المعروفة محليا «بالمناداة»، وهي عملية مزايدة ومنافسة بين المشترين، على كل ما هو مغر من الأبقار أو الأغنام، فيما تباع في «هبطات» أخرى، بالاتفاق بين البائع والمشتري.

وسجلت الأغنام العمانية هذا العام ارتفاعا كبيرا، حيث بلغ متوسط سعر رأس الغنم ما يعادل 250 دولارا أميركا، فيما تراجعت أسعار الأبقار، نظرا لدخول أبقار للسوق من باكستان والصومال، في وقت كانت فيه عمان تمنع دخولها حية حفاظا على السلالة المحلية.

وبشكل عام فإن العمانيين يفضلون السلالة المحلية على الوافدة، باعتبارها تأكل مزروعات محلية تتوافق مع طبيعة المنطقة، التي يعيشون فيها، بينما تأكل الوافدة أعلافا غير معروفة المصدر، وفقا لآراء الكثيرين.

ويرى حمود البطاشي أن الأبقار المحلية الواردة من ظفار، جنوب البلاد، هي الأكثر طلبا في أسواق الهبطات، وذلك بسبب مرعاها الطبيعي من هطول الأمطار في فصل الصيف بصلالة.

بدوره وصف بائع الأبقار سعيد بن مرهون البادي، هبطات الأبقار بأنها سوق لها موازينها الخاصة، حيث يتم تقدير وزن الثور أو العجل بما يعرف بوزنة «المَن»، وهي مقياس يعادل أربعة كيلوغرامات.

ويندر أن يذبح العمانيون أضاحيهم في المسالخ المركزية، على الرغم من توفرها في جميع الولايات، حيث يعتبر ذبح الأضحية طقسا من طقوس العيد لا بد لكل أسرة أن تعيشه في بيتها، لذلك ينادي الجميع من بعد صلاة العيد، للتعاون على ذبح الأضاحي من بيت آخر، خاصة إن كانت الأضحية من البقر أو الجمال.

وفي الوقت الذي توفر فيه الهبطات أضاحي العيد، فإنها توفر في الوقت نفسه مستلزمات الشواء، مثل أوراق الموز الناشف، والحطب الذي يستخدم وقودا للشواء، و«الخصفة» وهي كيس مصنوع من السعف يوضع فيه الشواء داخل حفرة النار، وكذلك البهارات التي تعرف محليا بخلطة «التبزيرة».

والشواء عند العمانيين طقس مهم هو الآخر، لا بد منه في العيد، حيث يوضع اللحم بعد خلطه بالبهارات المخصصة لشواء العيد في كيس مصنوع من سعف النخيل، ثم يوضع في حفرة عميقة في الأرض تعرف بـ«التنور» يكون حطب السمر الذي به قد تحول إلى جمر ملتهب، ويوضع اللحم في الكيس السعفي، ثم يلف بأوراق الموز، ويرمى في التنور، ثم يحكم إغلاقه بأن يغطى بغطاء حديدي، ثم يدفن بالتراب حتى لا يكون هناك مجال لدخول الهواء إلى التنور. ويختلف عمق حفرة الشواء من موقع لآخر، حيث تتراوح بين ثلاثة أمتار وأربعة باختلاف الأهالي المشاركين فيها، وعلى هذه الحفرة أن تستوعب لحوم الأهالي الذين يشتركون ويتعاونون في إعداد كل شيء، بدءا من حفر الحفرة، وحتى إعداد اللحم وانتهاء بدفنه وإخراجه فيما بعد، وتمرق داخل الحفرة كميات من حطب أشجار النخيل والسمر، ويجب أن يكون باطن الحفرة قد غطي بكميات جيدة من الحجر، وتكون بالتالي شديدة الحرارة.

ويظل اللحم في التنور لأربع وعشرين ساعة في بعض الولايات ولثماني وأربعين ساعة في ولايات أخرى، ثم يستخرج ويقدم مع الأرز وهو ساخن. ويصاحب دفن التنور الكثير من الفنون الشعبية.

وإذا كان الجميع ينتظر موسم الهبطات حتى يعيش بعضا من الأجواء التقليدية، فإن المصورين في سلطنة عمان ينتظرونها بفارغ الصبر، فهي موسم خصب لهم، لالتقاط الصور النادرة التي لا تتكرر في بقية أيام السنة، وحصلت صور التقطت خلال «الهبطات» على جوائز عالمية لمسابقات تنظمها «الغياب».

وقطعت المصورة العمانية شمسة الحارثي أكثر من أربعمائة كيلومتر لتصوير هبطة الثامن من ذي الحجة في ولاية المضيرب بالمنطقة الشرقية، لكنها عادت، كما تقول، بحصيلة مهمة تضاف إلى رصيدها من الصور الفوتوغرافية.

وتلقى الهبطات اهتماما إعلاميا في سلطنة عمان، حيث تظل تتصدر نشرات الأخبار في الفضائية العمانية، وتتصدر عناوين الأخبار، نظرا لأهميتها الاقتصادية في تزويد المواطنين والمقيمين بمستلزمات العيد، ولما تمثله من بعد ثقافي وحضاري.

ويستغل السياح الأوروبيون الذي يزورون عمان هذه الأيام الفرصة، لحضور الهبطات وتوثيقها ضمن سجلاتهم ورحلاتهم، فيقول السائح البريطاني مايكل وينستون، الذي زار هبطة ولاية الخابورة: «إنها لحظة مثيرة، أحس بالكثير من المتعة لحضور هذه السوق، التي أعتبرها تمثل البعد الحضاري لعمان.. إنها لحظات لن أنساها طوال حياتي».

 

صقر آلبريمي

¬°•|مـכـتـآر [آכـبـﮗ]ولآ [آטּـسآﮚ]ـ |•°¬
إنضم
20 سبتمبر 2010
المشاركات
5,025
الإقامة
البريمي وضواحيها
يعــطيك العافية على الأخبـآر الطيبة ....​
 
أعلى