الإغتراب والتنميط في المجتمع الحديث...؟؟

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

ملاذ الطير

¬°•| مُشرِفَة سابقة |•°¬
إنضم
29 سبتمبر 2009
المشاركات
303
الإقامة
بلاد العز والآوطان
الاغتراب والتنميط في المجتمع الحديث...؟؟؟

- الاغتراب (ويشار إليه أيضا الاستلاب.بالإنجليزيه :ألينيشن alienation). وفي المعجم الطبي تعني الكلمة الاضطراب العقلي الذي يجعل الإنسان غريب عن ذاته ومجتمعه ونظرائه.

أما في الفلسفة فإن الكلمة تشير إلى غربة الإنسان عن جوهره,وتنزله من المقام الذي ينبغي أن يكون فيه,كما تشير إلى عدم التوافق بين الماهية والوجود.فالاغتراب نقص وتشويه وانزياح عن الوضع الصحيح.

والاغتراب يشير إلى الجوانب التاليه :

1-فقدان الإنسان العلاقة مع مشاعره الإنسانية الدفينة العميقة واحتياجاته الإنسانية.

2-إحساس الإنسان بتزايد هيمنة الإجراءات البيروقراطية اللاشخصية على حياته.

3-إحساس الفرد بالعجز وشعوره بإنه غير قادر على التأثير في المواقف الاجتماعية المحيطة به.

4-الإحساس بالعزلة وانفصال الفرد عن تيار الثقافة السائد.

5-الإحساس باللامعيارية وغياب المعنى في حياته.

كل هذه الظواهر سبب ونتيجة لظاهرة متفشية في المجتمع الحديث,هي ظاهرة (التنميط).فالتنميط ترجمة لكلمة (ستاندارديزيشن standardization),وهي من كلمة (ستاندارد standard) ومعناها معيار أو مقياس,ويطلق الاصطلاح على ظاهرة معينة,وهي أن كثيرا من المنتجات الحضارية تصبح متشابهة ونمطية بسبب الإنتاج الصناعي السلعي الالي الضخم (على عكس المنتجات الحضارية في المجتمعات التقليدية ,حيث نجد لكل شئ مصنوع شخصية مستقلة تستمدها من شخصية منتجها الذي صنعها بيديه).

والتنميط في المنتجات الحضارية يؤدي إلى التنميط في أسلوب الحياة العامة والخاصة,فيقضي الإنسان حياته في سلسلة محكومة من روتين يومي منظم بمواعيد دقيقة متتالية معروفة مسبقا (نوم-انتقال-عملي الي-وقت فراغ),ثم يتم تنميط حياة الإنسان نفسها.

فالموضة,على سبيل المثال,تؤدي ألى أن الناس كافة يغيرون طراز ملابسهم من عام إلى عام بحسب مايصدر لهم من اوامر من باريس ويسارع للإذعان,وكأنهم يذعنون لأحد قوانين الطبيعة,فإن قال مصممو الأزياء إن الموضة هذا العام الطويل قام الجميع بتطويل ملابسهم,وإن قالوا قصيرا سارع الجميع بالتقصير,وهكذا.

ويذهب علماء الإجتماع إلى أن عمليات التنميط ليست مقصورة على عالم الأشياء الخارجي وغنما امتدت لتشمل عالم الإنسان الداخلي,بحيث تم تنميط أحلام الإنسان ورغباته وتطلعاته ورؤيته لنفسه وأنماط سلوكه,وتمت المساواة بين البشر والتسوية بينهم من الداخل والخارج.

وقد أمكن تنميط الواقع الاجتماعي والإنساني لعدة أسباب :

1-طبيعة الإنتاج الصناعي لاتسمح بالتنويع.

2-إيقاع الحياة السريع الالي في العصر الحديث.

3-أدى تأكل المؤسسات الوسيطة إلى تفاقم هذه الظاهرة,فالاسرة على سبيل المثال تحمي الفرد قليلا من تغلغل عوامل التنميط في حياته الخاصه ووجدانه,وهي تزود الفرد بتربة اجتماعية مفعمة بالحميمية,إيقاعها يتفق وإيقاعه,أو يمكن ضبطه ليتفق والإيقاع المناسب له ليكتشف أبعاده الداخلية ,بدلا من أن يفرض عليه أن يتبع إيقاعا خارجيا حادا ويدخل قالبا محددا.

4-يلاحظ أن الإنسان في العصر الحديث إنسان حركي نسبي,فهو لايرتبط بمطلقات أو ثوابت,تسيطر عليه عقلية الترانسفير (التنقل),وهو على استعداد لتغيير قيمه بعد إشعار قصير,فيقع فريسة صناعات اللذة والإعلانات التى قامت بعملية هندسة اجتماعية شاملة فأعادت صياغته بما تراه يخدم مصالحها.

5-قامت شركات التسويق والإعلام بدور حاسم في عملية التنميط,إذ ألقت في روع الناس أن أنماط السلوك النمطية هي الانماط الطبيعية.

ولعل انتشار العنف والانتحار وشرب الكحول وإدمان المخدرات في البلاد المتقدمة تعبير عن احتجاج الإنسان على هذا التنميط الذي يقضي على عالمه الدخلي تماما وعلى حريته,بل لعل انتشار الإباحية في واقع الأمر,احتجاج على عملية التنميط,فاليات الإشباع الجنسي متاحة بشكل مذهل في المجتمعات الغربية,ومع هذا تتزايد الأفلام والكتب والمجلات الإباحية.
فالإنسان الذي تقمع حريته تماما يهرب من عالم التنميط إلى عالم فردوسي خال تماما من أي حدود,عالم لايماثل عالمه المتجانس المحكوم المضبوط,عالم من الفوضى الكاملة يحميه من عالم التنميط والضبط الكامل.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى