" الخروج الضيق للمتقاعدين "

أبو سلطااان

مؤسس و رئيس الفريق التطويري
طاقم الإدارة
إنضم
8 يونيو 2008
المشاركات
5,874
العمر
112
الإقامة
?!?!
A93D546C-064B-4088-8152-5CD0F9630097.jpeg


الحقيقة أن حمل راية الكتابة ليس بالامر السهل ، وإنما هي أمانة عظيمة يتحملها لمن رضي أن يكون في هذا الرهان ، لذلك الكاتب عندما يكتب يدرك أن عليه أن يكون معول بناء لا هدم ، عليه أن يساهم في الحفاظ على استقرار المجتمع والوطن ، كما أن عليه أن يكون شريكاً مع مؤسسات الدولة في بناء الوطن ، من خلال ما ينقله من مواضيع وقضايا تهم شأن المواطن ومجتمعه الذي ترعرع فيه ، ويكون ذلك عن طريق الحجة والدليل لا عن طريق القذف والاتهام وتخوين الجميع ، ولا على طريقة التطبيل والتلميع لغايات خاصة لا لمصلحة الوطن والمواطن ، وهنا أجد نفسي مضطراً للحديث عن موضوع تقاعد الموظفين ممن أنهوا 30 عاماً في الخدمة ، وخصوصا أن هذه الفئة قد عايشنا مراحل تدرجهم وما واجهوه من صبر نحو تحسين رواتبهم وانتظار الحصول على ترقياتهم ، لذلك في السابق عندما كانت هناك مطالبات بمنحهم الترقية التي طالما انتظروها بفارغ الصبر ، في تلك الفترة كانت الدولة تمر مع بقية دول العالم بأزمة مالية تطلب الأمر الصبر حتى تتحسن الأحوال ، طالبنا هذه الفئة بتقدير الوضع وأن عليها تقديم مصلحة الوطن في ظل تلك الظروف فكان منها السمع والطاعة ، وجاءت الحادثة الثانية عندما جاءت التعليمات بتوحيد صناديق الرواتب ، إلا أن عملية التنفيذ من المعنيين شابها بعض الغموض ولم تحصل الغالبية لما كانت تتمنى في حين حصل البعض على الكعكة الكبرى ، وهنا بدأت البلبلة والسخط من الموظفين الذين كانوا خارج الحسبة ولذا تطلب الأمر التهدئة وانتظار لما سوف تؤول إليه مراجعة اللجان فكان السمع والطاعة من هؤلاء الموظفين ، كذلك لا ننسَ أخبار الفساد والاختلاسات في فترات سابقة التي أعلنتها أخبار المحاكم والصحف والتلفزة والإذاعات ، التي زادت من معاناتهم وتلاشت تحقيق مطالبهم وليس لهم بالأمر حول ولا قوة إلا الاستعانة بالله والصبر على مصابهم ، واليوم نبقى مع الحدث الجديد بتقاعد الموظفين ممن أكملوا 30 عاماً في الخدمة ، وما يحمله من اتجاهين الأول ايجابي لمن يقبعون في انتظار أدوار التوظيف وسوف أخصص ايجابيات هذه الخطوة مع نهاية هذا المقال ، ولكن في المقابل دعونا نرى المطبات التي خلفها هذا القرار وخصوصا على الوضع العام في جودة التطوير ، ومنها أن التقاعد اعتمد فقط على من أكمل 30عاماً وليس على ضعف انتاجية وجودة أداء الموظف ، فلربما هناك موظف قد أكمل 25 عام كمثال ولكنه غير منتج نهائيا ولديه قصور وإهمال في العمل ، ولكن قاعدة 30 عاماً أعطته حجة في أن يكون خارج كشف المتقاعدين أو عزله عن العمل ، كما أن رئيس الوحدة لم يطلب منه رفع أسماء الموظفين الذين لديهم ملاحظات من ناحية القصور وعدم الانتاجية ، ويا حبذا لو كان هناك استثناءات بالنظر لتقارير الكفاية والمؤهل لكشوف المتقاعدين حيث تساوى الآن المجيد مع المهمل ، ولكن القائمة وصلت فقط لمن أكمل 30 عام في الخدمة بغض النظر عن تميزه أو ضعف انتاجية عمله ، كذلك لا ننسَ أن الصابرين 30 عاما وانتهى بهم الأمر بالتقاعد تحملوا تبعات ثقيلة سابقا وكانوا يأملون بالتعويض ، لا أن يصبحوا فاقدي كل أحلامهم ( ترقيات لم يهنئوا بها - وذاقوا مرارة فروقات الرواتب عندما جرى تعديلها ) ، لينتهي المطاف لغالبية الموظفين المتقاعدين بمكأفاة خجولة عند نهاية الخدمة فهل هناك صبر أكثر عن هذا ، في حين حصل بعض موظفي مؤسسات الدولة على مكافأة مجزية مما أوجد فروقات في هذا الخصوص ، ولا ننس أن غالبية من أكملو 30 عاما قد قضوا أكثر من ثلثي الخدمة وهم يتقاضون راتب لايتجاوز 500 ريال ، إضافة إلى أنهم في الوقت الراهن كثير من المتقاعدين لديهم قروض والتزامات مالية قاموا مسبقا بجدولة ديونهم حتى بلوغهم سن الستين ، وبعضهم يعيلون عدة أسر ومرتبطين بتدريس أبنائهم في جامعات خاصة على نفقتهم فكيف سيكون مصيرهم يا ترى وخصوصا أن الجميع لم يمنح فرصة لمعالجة ظروفه المالية ، كما أن عدداً كبيراً ممن أكمل 30 عاما هم حاليا في عمر الخمسين عاما ولازل لديهم النشاط والحيوية للعمل والإبداع وبالتالي ركنهم للتقاعد فيه إهدار لهذه الطاقات ، وبكل تأكيد القطاع الخاص لن يستطيع استيعاب كل هذه الأعداد وحقيقة أخرى ليس بالضرورة أن يستطيع كل شخص السباحة في كل مكان ، فلربما ليس كل الأفراد لديهم مؤشرات التكيف والقدرة على العمل الحر وفي القطاع الخاص ، كذلك هناك فئة قد أنهت حديثا الحصول على مؤهل أعلى كالماجستير والدكتوراه وعلى نفقتهم الخاصة ، وفي نفس تخصص جهة العمل التي يعملون فيها على أمل الاستفادة من ذلك في الإبداع الوظيفي وتطوير المؤسسة أو التدرج في العمل وتفاجؤا بالإحالة للتقاعد دون النظر لذلك ، كما أن خروج هذا الكم الكبير من الخبرات والقيادات هل له صف ثانٍ جاهز لتولي المسؤولية أم ستكون له نتائج سلبية على سير عملية المؤسسة ، وحقيقة هناك قيادات تمنينا أن يكونوا موجودين مع القيادات الشابة القادمة لما يتميزون به من إخلاص وتفاني وهي فرصة لتستفيد من خبراتهم القيادات الجديدة ، وأخيرا من الناحية النفسية والتعزيزية لم يحصل هؤلاء المتقاعدون على الوداع المشرف كما جرت العادة من وجود برامج ولو مبسطة لوداع أي موظف عندما تحين ساعة تقاعده ، ولكن ما وجدناه في هذا الوضع أن الخطاب الذي يستلمه الموظف المدرج ضمن المتقاعدين ، يحمل عبارة إنهاء خدمة ولا تتبعها عبارات رقيقة تتوافق مع لحظات الوداع وهذا ما لم نتمنى سماعه أو مشاهدته .
الأخوة والأخوات القراء ولأكون منصفا في طرحي فإني سوف أعرج الآن على المزايا الإيجابية لموضوع تقاعد من أكمل 30 عاما خدمة ، حيث تأتي في مقدمتها خلق فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل من خلال الشواغر التي ستظهر بعد خروج هذا العدد الكبير ، كما أنه سوف يتيح الفرصة لفئة الشباب لتولي المناصب القيادية لاسيما أن معظم المناصب حاليا يتولاها ممن أكمل 30 عاما في الخدمة ، كما تأتي هذه الخطوة نحو تقليل عدد العاملين المتكدسين في بعض المؤسسات بما يزيد عن حاجتها ، كذلك تأتي ضمن مواكبة لخطة رؤية 2040 من بث دماء جديدة في تولى فئة الشباب زمام المرحلة القادمة نحو تنمية وتطوير المجتمع ، وكان لي الشرف لحضور ندوة هذه الرؤية وشاهدت عن كثب مدى الطموح الذي يحمله الشباب لمستقبل هذا الوطن بإذن الله ، إلا أن هذا لا يمنع من وقوف الجهات المختصة في الحكومة نحو النظر في العواقب التي قد يقع فيها أبناء الوطن من الذين شملهم قرار التقاعد ممن أكملوا 30 عاما في الخدمة ، من خلال مخاطبة البنك المركزي لوضع الحلول لمن لديهم التزامات مالية وبنكية وذلك بمنحهم تسهيلات والغاء الفوائد البنكية المترتبة عليهم ، كما أن الأمل لا زال موجودا في تعديل صناديق التقاعد لعل أن يحدث لهم تغيير ايجابي في راتبهم التقاعدي ، والأمل الآخر في زيادة نسبة مستحقاتهم عند نهاية الخدمة ، وخصوصا إذا ما علمنا أن القرار نافذ وواجب التطبيق ، إلا أن الأمل بالله موجود في قدرة الحكومة نحو التعديل في المقترحات السابقة ذكرها ، من أجل أن يحدث تغيير في الجوانب التي سوف يستفيد منها الموظف الذي أحيل للتقاعد ، سائلين الله لإخواننا وأخواتنا ممن شملهم هذا القرار الحياة السعيدة في مشوار حياتهم القادم ، مقدرين ومفتخرين بكل تلك الجهود والانجازات التي ساهموا فيها خلال مسيرة حياتهم الوظيفية في العمل الحكومي ، وأن على فئة الشباب أن يحذو حذوهم في التفاني والاخلاص ، وأن يستشعروا التضحيات التي قدمها الرعيل الأول نحو تأسيس هذه الدولة العصرية التي يذكرها الداني والقاصي بالفخر والاعتزاز ، كما أننا نوجه رسالة للذين أساؤا التعبير لخبر تقاعد من اكمل 30 عاما في الخدمة ، ونقول لهم أليس فيهم الأب والام والاخ والأخت فلماذا نسي لاهلنا وأحبتنا الذين صنعوا لنا المجد وفتحوا لنا طريق الحياة رغم ما عانوه من ظروف وأزمات ، شكرا لتلك الأرواح الجميلة التي نفخر ونفاخر بها وأهلا وسهلا بجيل الشباب الواعد ، وبعون الله الجميع سيكون متعاون في السير بخطط ورؤى النهضة المتجددة ، التي يقودها مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ، وختاما ندعو الله العلي القدير أن يحفظ الله هذا الوطن قيادة وشعبا من كل شر ومكروه..آمين.

د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
 
أعلى