" أحلم من الأحنف بن قيس "

أبو سلطااان

مؤسس و رئيس الفريق التطويري
طاقم الإدارة
إنضم
8 يونيو 2008
المشاركات
5,874
العمر
112
الإقامة
?!?!
9AA5F4C6-725E-48D5-971F-A9C2A18D5761.jpeg

كان الأحنف بن قيس سيد تميم ، يغضب لغضبته عشرة آلاف سيف لا يسألونه فيم غضب ، مع أنه كان قصيرا دميما أي قبيحا ( أعورـ أعرج ـ أحنف ) أي في ساقيه تقوس واضح ، فكيف ساد قومه وهو على هذه الهيئة؟
سأله سائل ذات مرة ساخراً : بم سدت قومك ؟ فقال الأحنف بتركي من أمورهم ما لا يعنيني كما تترك من أمري ما لا يعنيك ، ومن أعجب ما يحكى عنه في الحلم أنه كان محتسبا في مجلس لقومه فدخلوا عليه بابن له قتيل ، وبابن أخيه مقيدا وقالوا : أبن أخيك هذا قتل ابنك هذا ، فما حل حبوته ولا قام من مجلسه ، وقال لابن أخيه: ما فعلت بنفسك ، قتلت أخاك وأوهنت قوتك وهدمت ركنك؟! وقال لمن حوله: أطلقوا هذا ( يعني ابن أخيه ) وأرضوا أم هذا ( يعني ابنه) فضرب به المثل في الحلم ، وربما يقول قائل إن هذا ليس حلما إنه برود ، ولكننا نجيب إن الحلم هو جماع الخلق الحسن ولذلك من بلغ مرحلة الحلم فقد فاز وفي ذلك قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الحلم سيد الأخلاق ، والحلم لا يكون إلا مع القدرة لأن غير القادر إذا حلم فحلمه يسمى جبناً .
في عالمنا المعاصر وجود شخصية تتسم بالحلم تعتبر من الأمور النادرة ، لأنها تحتاج مواصفات من نوع خاص ( الاتزان والهدوء وعدم الاندفاع عند وقوع الحدث ) هذه بعض الصفات التي تتميز بها شخصية الحليم ، وسيناريوهات الحياة تنتج لنا مشاهد ومواقف تتطلب من الأفراد أن يكونوا على قدر من الحلم ، لأن أخطاء البعض أحياناً تتسبب في حدوث الشقاق وتلوث الجو الأخوي السائد ، وفي مقابل ذلك نجد أفراد قد أنعم الله عليهم بالهدوء والسكينة والاتزان عندما يتعرضون لأي موقف سيء أو جارح من قبل الغير ، كما أنهم لا يولون أي اعتبار أو اهتمام عندما يصفهم الجاهلون وذو النفوس القذرة بأنكم جبناء لا تستطيعون الدفاع عن أنفسكم.
إن الإنسان الحليم ليس بالفرد الجبان وليس بالأبله كما يصفه البعض ، إنما هو شخصية وهبها الله العقل والتفكير الإيجابي نحو المصلحة العامة على المصلحة الشخصية ، فالظن في الآخرين بالخير واحتساب العذر لمن أخطأ وكذلك العمل على بقاء العلاقات الاجتماعية في المجتمع هي من أهم الأمور التي تحرص على بقائها وتواصلها.
عندما نتحدث عن الحلم فلن نجد أعظم من حلم الله سبحانه وتعالى على عباده البشر اللذين هم خلقه ، في الحديث القدسي يقول رب العزة تبارك وتعالى :(عبدي لو جئتني بقراب الأرض خطايا جئتك بقرابها مغفرة ) فبمجرد أن يكون العبد التائب موحداً يغفر الله تعالى له ذنوبه ، ولذلك لا توجد مقارنة بين حلم العبد لأخيه المخطئ وحلم الله لعبده المذنب.
عالمنا الإنساني في حاجة ماسة إلى خلق الحلم ، لأنه يدعونا إلى الصفح وتقديم الأعذار للآخرين ،كما أنه عامل مساعد على نبذ الخلاف بين الأفراد ، الأحنف بن قيس استطاع أن يتسيد قومه بفضل حلمه الواسع ،ونحن باستطاعتنا أن نملك قلوب الآخرين عندما يكون الحلم هو منهج حياتنا.

حميد بن فاضل الشبلي
‏humaid.fadhil@yahoo.
‏com
 
أعلى