الوساوس الفكرية .ماهي؟ وماهي طرق التخلص منها؟

بوح القصيد

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
20 فبراير 2012
المشاركات
200
الإقامة
البريمي
أحببت ان أكتب لكن موضوعا يتحدث عن الوساوس الفكرية التي قد تنتابنا بعض الأحيان , فتوهمنا بأشياء غير صحيحة , وتنغص علينا حياتنا ..
وهي عبارة عن دراسة مختارة من كتاب لطبيب نفسي ومن رسالة تخرج .
وهي تفيد المرضى المصابين بما يدعى
الوسواس القهري
وأيضا الذين يقعون عرضة للوساوس الفكرية أحيانا
وتساعد على معرفة حقيقة الوساوس وتجنبها والتخلص منها

والمحتويات :
أولا : المقدمة
ثانيا: ماهو الوسواس القهري؟
ثالثا : أعراض مرض الوسواس القهري :

1_ الوسواس والشكوى الفكرية .
2_ العادات والسلوكيات الاضطرابية التي تترتب على الوساوس.
3_ الأعراض الجسمية والنفسية .

رابعا : كيفية معالجة المرض :
1_ المعالجة الدوائية
2_ المعالجة السلوكية الذاتية .

خامسا: الخاتمة

* الوسواس القهري *

اولا : المقدمة
.... هل أصابك أنت أو أحد أفراد عائلتك الوسواس الشديد؟
.... هل تكرر من التأكد من أنك قمت بقفل الباب او اطفاء الأجهزة الكهربائية ؟
.... هل توسوس لك نفسك بأبشع الوساوس ؟
.... هل تراودك أفكار دينية مد نسة أو محرمة بشكل غير طبيعي ؟
.... هل تتوضأ عدة مرات قبل أن تحس أنك قمت به على الطريقة الصحيحة ؟
.... أو ربما أنت من النوع الذي لا بد أن يكرر قرائة القرا ن في الصلاة حتى تضمن أنك قد قمت بقراءة السورة بالشكل الصحيح ....

اذا كان عندك واحدة او أكثر من الوساوس السابقة, فأنت أذا تعاني من مرض الوسواس القهري
.... لا .... هذه الوساوس لبست من الجن أو من الشيطان , ولا علاقة لها بأي قوة خارقة , بل هو مرض أصله في المخ كما أثبتت البحوث العلمية , وأقول أنه ليس له علاقة بالجن لانه لو كان كذلك لغادرت هذه الوساوس بمجرد الذكر , ولكن ربما كررت وكررت قراءة القران والدعاء ولكن لم تصل الى نتيجة .

زذلك لان السبب هو التركيبة المضطربة في مقدمة المخ والذي تسبب في هذا المرض , فتتكرر وتتكرر عليك الوساوس رغما عنك .
ولكن الجميل في الموضوع أن هذا المرض يمكن علاجه , وقد عولج الكثير من هذا المرض ورجعت اليهم حياتهم الطبيعية وأحسن مما كانت عليه قبل المرض , فهي خالية من الوساوس والا فكار المتطفلة وعادت اليهم صداقاتهم ونشاطاتهم.

progress.gif

ثانيا : ما هو الوسواس القهري :

الذين يصابون بهذا المرض قد يعتقدون أن هذه الوساوس انما هي نتيجة ضعف بالشخصية , أو أنها جاءت بسبب حالة نفسية , او انها من عمل الشيطان أو الجن والسحرة , أو ان الله غاضب عليهم ....
ولكن الحقيقة ليست كذلك وربما يكون الاعتقاد وهذا سببا في زيادة المرض , اذ كيف يمكن أن يتخلص أحدهم من ضعف الشخصية اذا أعتقد أنها هي سبب المرض والتي ربما نشأ عليها طوال حياته ؟
أو كيف له التخلص من الشياطين والجن والتخلص منهم لا يتم الا بصعوبة !
أو كيف يمكنه أن يتخلص من الحالة النفسية وهو ربما يستحي أن يفصح للمختصين بها ؟ أو يفكر أنه من العيب أصلا أن يفكر بهذه الطريقة فكيف اذن يخبر الغير بذلك !!!
.... كل هذا يدعو لفقدان الثقة بالنفي وزيادة حدة المرض
.... اذن ..؟ فما هو المرض ؟
وما السبب في وجوده ؟
وكيف يمكن للا فكار ان تدخل بهذه الشدة وتدخل بشكل قهري ؟
ولماذا الاحساس وكأنك مرغم على القيام بعادات غريبة ؟
ولماذا تتكرر هذه الأفكار كلاسطوانة المعطلة المتكررة ؟

_ ان هذه الأفكار ليست الا أفكار سببها خلل كيماوي حيوي في المخ , حيث تشير الدراسات بأن هذا المرض لا يظهر الا
بعد أن يقع الشخص تحت ضغط نفسي أو ارهاق أو ازمات شديدة .
وأن هذا المرض لايميز بين شخص ذكي واخر غير ذكي .
ولقد دل البحت العلمي على ان السبب في مرض الوسواس القهري هو خلل في انتقال الرسائل من مقدمة المخ الى أعماقه ولانتقال الرسائل بشكل طبيعي يستخدم المخ مادة السروتونين لنقل الرسائل بين الوصلات العصبية , فمرض الوسواس القهري يتعلق بنقصان مادة السروتونين , لذلك فان الطباء المختصين وبعد تشخيصهم لهذا المرض يقومون باعطاء المرضى أدوية تزيد من نسبة مادة السروتونين .

ثالثا : أعراض المرض : تنقسم أعراض مرض الوسواس القهري الى ثلاثة أقسام :
_ القسم الاول : يحتوي على الوساوس والشكوك الفكرية
_ القسم الثاني : يحتوي على العادات والسلوكيات الاضطرابية التي تترتب على هذا الوسواس
_ القسم الثالث: يحتوي على الأ عراض الجسمية والنفسية .

القسم الأول : الوساوس والشكوك الفكرية :

الوساوس الفكرية هي أفكار أو صور ذهنية أو نزعات تتكرر وتتطفل على العقل بحيث يحس أنها خارجة عن سيطرته , وتكون هذه الأفكار من الأنزعاج بحيث يتمنى صاحبها مغادرتها من رأسه , ويصاحب هذه الأفكار عدم الارتياح , والشعور بالخوف والكراهية أو الشك والنقصان .
وهذه بعض من الوساوس الفكرية:

* التكرار الكثير : تكرار عادات روتينية بلا سبب مثل تكرار السؤال مرة تلو الأخرى , أو اعادة القراءة عدة مرات أو اعادة الصلاة حتى تتم على أكمل وجه
* شكوك غير طبيعية : مخاوف لا أساس لها من الصحة من أن الشخص لم يقم بالشئ على وجهه الصحيح , اغلاق الأجهزة الكهربائية المنزلية , أو التأكد من عدم وجود عوارض مرض خطير في الجسم

* أفكار دينية محرمة : توارد أفكار محرمة أو مد نسة بشكل غير طبيعي , والأهتمام الزائد عن الطبيعي بأمور الحلال والحرام , والخوف المبالغ فيه من الموت
* استحواذ الأفكار الجنسية : أفكار جنسية غير طبيعية لا يتقبلها الشخص .
* تكرار الوضوء: اعادة تكرار الوضوء عدة مرات قبل أن تحس أنك قمت به على الطريقة الصحيحة .
وقد يصاب المريض بواحدة أو أكثر من حالات الوسواس التي ذكرت سابقا , وطبعا ليس كل ما ذكرنا هو كل حلات الوساوس الفكرية ولكن سقنا بعضها .....

القسم الثاني : : العادات والسلوكيات الضطرابية :المصابين بمرض الوسواس القهري يحاولون التخلص من الأفكار المتكررة عن طريق القيام بعادات اضطرابية , والقيام بها لا يعني أن القائم بها مرتاح من قيامه بها , ولكن العمل بهذه العادات هو مجرد للحصول على راحة مؤقتة من تكرار الوسواس .


القسم الثالث : الأعراض الجسمية والنفسية :
1_ الشكوى المتكررة من الصداع واضطراب النوم وقلته .
2_ الام في المعدة وقلة الشهية للطعام
3_ نقص في الوزن
4_ البكاء العلني بدون سبب
5_ الخمول والشعوؤ بالتعب والأجهاد
6_ الشعور بالعجز ونقص القدرة على التفكير والتردد في اتخاذ القرار
7_ الشعور بالذنب وا للوم : يصف نفسه بانه أسوامما هو عليه واسوأمما يراه الأخرين
8_ ضعف القدرة الجنسية
9_ عدم الرضى عن العلاقات الاجتماعية :علاقته مع الاهل والأبناء والزملاء لا ترضيه

10_ انخفاض في مستوى المتعة والسرور
وهذه كلها اعراض طبيعية تصاحب المرض وتزول بزواله

رابعا : كيفية معالجة المرض :
_ هناك أمر مهم قبل البدء بالعلاج وهو : معرفة الشخص المريض بالمر والتحدث مع المختصين
لتشخيص المرض
_ هناك نوعين من المعالجة يجب على المريض الجمع بينهما للوصول الى الشفاء

1- المعالجة الدوائية : من ا لمهم جدا أن يقوم الشخص باخذ الدواء اذا ما وصفه الطبيب المختص له , خصوصا ان الادوية في الوقت الحالي وصلت الى مرحلة متقدمة التي تسمى بروزال
هذا النوع من الدواء ينتمي الى مجموعة (ssri reuptak inhbition celctivr serotnin)ويقوم هذا الدواء بزيادة نسبة السيروتونين في المخ بحيث يستعيد المخ نشاطه الطبيعي وتزول الأفكار السلبية

ويتميز هذا الدواء باعراض جانبية تؤثر على النتعاطي وكما تبين صفحة الدواء على الأنترنيت ان الأعراض الجانبية تزول بعد فترة من التعاطي .
والجدير بالذكر ان هذا الدواء لا يدمن عليه متعاطيه اي انه يقدر ان يتركه في أي وقت شاء , لكن الذين يصف لهم الطبيب الدواء عليهم ان يستمروا في أخذه حتى ولو شعروا بالشفاء الى ان يقرر لهم الطبيب التوقف عن تناوله .
وان هذا الدواء يتطلب على الاقل ستة اسابيع قبل أن يعمل بالشكل الصحيح , ولكن التاخر في بدأ المعالجة واخذ لدواء يؤدي فقط الى تاخير الشفاء وتبقى فرصة الشفاء موجودة الى ان يبدا المريض بشرب الدواء , فهناك كثيرمن المرضى لم يهتدوا الى التشخيص للمرض وبالبدء حتى بعد ثلاث سنوات أو اكثر من مرضهم , ومع ذلك لما بدأوا بتناول الدواء شفيوا خلال المدة المحددة للشفاء .

_ المعالجة السلوكية الذاتية : هام

ان اكثر الطرق نجاحا هي طريقة الدكتور جفري شوارنز( وقد ذكرنا اسمه حفاظا على الامانة العلمية )
وهذه الطريقة هي التي يكون فيها المريض المعالج الشخصي لنفسه ، فلن يحتاج الى الطبيب النفسي للعلاج وقد شرح الدكتور هذه الطريقة في كتابه........... اي( الدماغ المقفول )
يقول الدكتور:
ان علاج السلوك فعال في علاج مرض الوسواس القهري ، سأعلمك كيف تكون المعالج السلوكي الشخصي لنفسك ، نحن نطلق على هذه الطريقة في جامعة .......... اسم :
............................
( العلاج الذاتي السلوكي الجوي المعرفي)
لقد قمنا باستحداث اسلوب الأربع خطوات ، والفكرة الأساسية تعتمد على معرفتك لحقيقة هذه الوساوس والخطوات الأربع هي:
1_ تصحيح التسمية.
2_ تصحيح التنسيب.
3_ اعادة التركيز .
4_ اعادة التقييم .
والهدف هو القيام بهذه الخطوات بشكل يومي .

الخطوة الاولى : تصحيح التسمية :
أي
تميز بين الخواطر الصحيحة والخواطر القهرية المتطفلة ، أي أن نسمي الوساوس القهرية باسمها الحقيقي ، نعم ... نسميها بحزم وجدية وتفهم بأن هذا الشعور انما هو انذار زائف ...
نسمي الخواطر الصحيحة باسمها الحقيقي ونقول نعم هذا خاطر واقعي ، ونسمي الخواطر القهرية باسمها الحقيقي ونقول هذا وسواس قهري لا أساس له من الواقع انما هو زائف متطفل .
ومن اجل توضيح الفكرة سنتناول بالدراسة حالة واحدة من الوساوس ، بحيث تقاس عليها بقية الوساوس حسب النوعية الموجودة عند الموجودة عند المريض .
الان لنفترض انه جاءك وسواس بان يداك وسختان مع انهما غير وسختان ، فهنا نطبق الخطو ة الاولى وهي تصحيح التسمية وقل بنفسك بطريقة حازمة :
)) انا لا اعتقد ولا احس ان يداي وسختان ، إنما اعاني من وسواس متطفل يوسوس لي أن يداي وسختان ))
او قل :
(( انا لا احس أنني احتاج إلى غسل يداي إنما اعاني من إلحاح قهري للإستجابة له والقيام بغسل يداي ))
هذا الأسلوب وبهذه الطريقة وبمثل هذه العبارات يستطيع المريض ان يطبقه على الأنواع الأخرى من الوساوس والإلحاحات .
نحن نعرف بفضل البحث العلمي ان هذه الإلحاحات سببها إضطرابات حيوية في المخ ، وعندما تقوم أنت بتسميتها بإسمها الحقيقي على أنها وساوس تطفلية ، ستبدأ بالمعرفة بان هذه الأ فكار إنما هي مجرد إشارات زائفة تأتي من المخ .
من المهم أن تتذكر ان مجرد تصحيح التسمية للأفكار لن يجعلها تزول ، ومن الأ فضل أن تكتفي فقط في هذه المرحلة أن تسميها بإسمها الحقيقي وان لا تحاول أن تجعل هذه الأ فكار تختفي لأن الأفكار والإلحاحات سببها حيوي وهو خارج عن نطاق ارادتك .
من خلال تصحيح التسمية ستعرف أنه ما تقوله هذه الأفكار التي في رأسك ليس حقيقيا . هذه العملية تتطلب الصبر والجهد الحثيث ، أما محاولة إلغاء هذه الأفكار والإلحاحات خلال ثوان أو دقائق لن يسبب سوى التوتر وتحطيم المعنويات ....
إذا : بإختصار فالمطلوب في هذه الخطوة الأولى هو فقط أن يكون رد فعلك تجاه هذه الأفكار تحت سيطرتك وليس المطلوب إلغاء هذه الأفكار .

الخطوة الثانية : تصحيح التنسيب :
أي
نسب الفكرة إلى سببها الحقيقي ، يعني بإمكاننا ان نختصر الخطوة الثانية بجملة واحدة هي :
(( لست أنا السبب ، إنه مرض الوسواس القهري ))
أي لا نحمل أنفسنا مسؤولية توارد الأفكار الغير طبيعية ، لا نصدق أنفسنا أننا نفكر واقعيا بما تمليه علينا هذه الوساوس، بل ان ننسب شدة الوساوس والإلحاح والشعور بالإنزعاج إلى سببها الحقيقي الذي هو الإضطراب الكيميا حيوي في المخ .
إذا .. كونك فهمت الفكار على حقيقتها ومن هو سببها فسوف تتعلم ان لا تاخذها ماخذا جديا ، وبما ان سببها مرضي فسوف يتوضخ لك لماذا لا تغادر بسهولة ...
ولكن بإمكانك تصليح الخلل وذلك مع الوقت وبالعمل الجاد لأسابيع وتذكر انه ليس بإمكانك التخلص من هذه الفكار بشكل سريع لكن لا تستجيب لها بقيامك بما تطلب ، ولل تأخذها مأخذ الجد ولا تستمع إليها ، أنت تعلم ماهي وما هي حقيقتها ، فاستخدم هذه المعلومة لتجنب العمل بما تطلبه منك ...
أي بإختصار :
الوساوس لن تزول بسهولة وهي موجودة ولككن همش دورها وأهملها ، وإن أكثر الأمور فعالية والتي بإمكانك القيام بها والتي ستغير دماغك للأ فضل في المدى الطويل ، هي تعلم كيفية وضع هذه الأفكار والمشاعر على جنب والإلتفاف من حولها وإكمال طريقك والقيام بسلوك آ خر للإنشغال عن التفكير بها ... وذكر نفسك دوما بجملة
(( لست أنا السبب إنه مرض الوسواس القهري ))
اما إذا صدقت الإلحاحات وبدات بتنفيذها ربما ستحصل على راحة لحظية ، ولكن في وقت قصيرجدا سيزداد الإلحاح بشدة .....
* أن خطوتا تصحيح التسمية وتصحيح التنسيب عادة يعمل بهما في وقت واحد أي :
عندما يأتيك الوسواس سميه بإسمه الحقيقي على انه إلحاح أو إضطرار وأدرك ذلك بوعي تام وإبتعد عن الفهم السطحي لمرض الوسواس القهري وإحصل على فهم اعمق بأن هذه الوساوس والإلحاحات ليست من تفكيرك الصحيح وإنما إنسبها إلى الحالة المرضية في الدماغ .
الخطوة الثالثة : إعادة التركيز :
خطوة إعادة التركيز هي خطوة العمل الحقيقي ، وهي أن تعمل من حول وساوس وإلحاحات مرض الوسواس عن طريق تحويل الإنتباه إلى شئ آخر حتى ولو لبضع دقائق .....
ولنرجع لمثالنا من اجل التوضيح :

في البداية من الممكن أت تختار سلوك معين لإستبدال غسل اليدين مثلا ، من الممكن أن تتخذ القرار للمشي او التمرين أو القراءة أو اللعب على الكمبيوتر أو الخياطة أو لعب كرة السلة
إذا ... لنطبق الخطوات الثلاث التي أخذناها لحد الآن :
عندما يأتي الوسواس أعد تسميتع على أنه وسوسا ولح متطفل ، ثم صحح التنسيب على أساس أنك مصاب بحالة مرضية ولست أنت السبب ثم أعد تركيز إنتباهك إلى العمل الآخر الذي إخترته لنفسك من رياضة وغيره .
إبدأ عملية إعادة التركيز عن طريق عدم تصديق الرغبات الملحة وقل لنفسك :
(( انا أحس بعرض من اعراض الوسواس إذا أنا احتاج أن أقوم بعمل آخر...)
فالهدف من هذه المرحلة هو التوقف عن الإستجابة لأفكار مرض الوسواس مع الإقرار بأن هذه الأحاسيس المزعجة ستضايقك لفترة قصيرة .
وستبدأ بالعمل من حولها عن طريق القيام بسلوك مختلف ، وستتعلم أنه حتى لو أن الشعور بمرض الوسواس القهري كان موجودا فلن تتحكم هذه الوساوس بما ستفعله ، بل أنت ستتخذ القرار عما ستقوم به ، وليس الوساوس هي التي ستوجهك .
إن إعادة التركيز ليست عملية سهلة ، فصرف النظر عن الأفكار والمضي إلى السلوك الآخر يتطلب الجهد الكبير وهناك قاعدتين حتى تتدرب على إعادة التركيز :
1_ قاعدة ال 15 دقيقة :

الفكرة هي ان تؤخر استجابتك للوساوس لوقت ما ، ومن المفضل ان يكون الفاصل الزمني على الأقل 15 دقيقة قبل أن تفكر بالإستجابة للوسواس ، ولكن ممكن في البداية عندما يكون الوسواس في أشده أن تجعل مدة الإنتظار أقصر على سبيل المثال 5 دقائق ، ولكن القاعدة هي ذاتها دائما :
(( لا تستجيب للوساوس من غير ان يكون هناك تأخير لبعض الوقت ))
تذكر أن فترة الإنتظار هذه هي ليست فترة ركود إنما هي مدة للعمل وذلك عن طريق تصحيح التسمية وتصحيح التنسيب وأعادة التركيز وذلك بالقيام بعمل آخر ....
_ بعد إنتهاء مدة الإنتظار إسأل نفسك أن كان هناك أي تغير في شدة الوسواس وسجل ذهنيا أي تغيير.
إن أي تغيير سيعطيك الشجاعة للإنتظار مدة اطول ، ستتعلم أنه كلما كانت مدة إنتظارك أطول كلما ستتغير وساوسك وتضعف ، عموما كلما جربت قاعدة ال 15 دقيقة كلما أصبحت العملية أسهل ، بعد فترة ممكن ستتغير المدة إلى 20 أو 30 دقيقة أو أكثر من ذلك .
من المهم جدا أن تغير من إنتباهك بعيدا عن الوساوس وان تغادر الأفكار لحظيا ، والأهم من ذلك أن لا تفعل ما يطلبه منك مرض الوسواس القهري وقم بأي نشاط بناء .
ولتعلم انه قد تستجيب مرة من المرات لهذه الوساوس فلا تعتبر نفسك إنهزمت بل يكفي أن تعرف أنك استجبت للوسواس وأنت تعرف أنه وسواس ، وفي مثالنا تقول في نفسك :
( أنا لم أغسل يداي لأنها وسخة ولكن غسلتها بسبب مرض الوسواس القهري ، لقد تغلب علي المرض هذه الجولة , ولكن في المرة القادمة سانتظر مدة أطول )
_ إن هذا أفضل بكثير من الأستجابة للوسواس من غير أن تقوم بتسجيل فكرة ذهنية عن حقيقته .
2_ قاعدة الإحتفاظ بدفتر يومي :ان الإحتفاظ بدفتر العلاج السلوكي كسجل لنجاحات اعادة التركيز هو أمر جيد ، ولا يحتاج الدفتر لأن يكون مبهرجا ، الفكرة هي ان يكون لديك سجل مكتوب ليذكرك بنجاحك .
الدفتر مهم لأنك ستعود إليه لترى أي العادات التي ساعدتك في إعادة التركيز إلى أعمال اخرى بشكل أكبر، وبنفس الوقت سيساعدك الدفتر لبناء ثقتك بنفسك حينما ترى أن عدد إنجازاتك تزداد ، فكلما كبرت قائمة نجاحاتك سيعطيك ذلك حافزا روحيا ، سجل نجاحك فقط ولا بد ان تتعلم تشجيع نفسك ، وأعط نفسك جائزة حتى ولو كانت الجائزة القول لنفسك :
( كم أنت رائع لعملك الدؤوب لمساعدة نفسك )

الخطوة الرابعة : إعادة التقييم :
خطوة إعادة التقييم دورها أن تقييم أن هذه الوساوس كانت قبل أن تبدأ بالعلاج الذاتي يدفعك للقيام بعادات قهرية ولكن بعد ممارسة ملائمة للخطوات الثلاث السابقة ستكون قادرا مع الوقت أن تعطي قيمة أصغر بكثير لوساوس والحاحات المرض وسوف تدرك أن لا معنى للإهتمام بالوساوس ولن تأخذ الإلحاح مأخذ الجد .
وبالتالي ومع الوقت لن تضع أي قيمة لشعور مرض الوسواس القهري وتهمله ولا تلتفت إليه خاصة بعد أن إكتشفت حقيقته وعرفت قيمته .
تلخيص الخطوات الأربع :
* بالإمكان أن نختصر الخطوات الأربع بثلاث كلمات :
توقع و أقبل وعلى أساس ذلك قيم

_ فالتوقع يعني : كن جاهزا واعلم أن الوسواس سيأتي لذلك كن مستعدا له حتى لا يأخذك على حين غرة .
_ وكلمة أقبل تعني : أنه ما دمت أكتشفت حقيقة المرض فاقبل بقدومه الى دماغك ولا تصرف من طاقتك في التهجم على نفسك ولومها .
_ وكلمة قيم ( بشد الياء ): كونك أصبحت تعرف سبب الأفكار , وكونك اصبحت مستعدا لإستقبالها وكونك تعلمت كيف تهملها وتلتف من حولها بإشغال نفسك بامور اخرى ، وكونك لن تنفعل في كل مرة وكأنها فكرة جديدة ، ولن تتضايق من نفسك كونك سوف تتعرف على حقيقة الوساوس في اللحظة التي سيحصر فيها الوساوس ، بذلك وبشكل نشط فكريا سوف تقييم هذه الوساوس وتعطيها القيمة الحقيقية الواقعية لها وتهملها ولا تهتم بها ....

* الوسواس لن يختفي بسرعة ولكن سوف يهمل وكأنه غير موجود وتتابع حياتك بشكل طبيعي ...
ولنضرب مثالا لتوضيح هذ ه النقطة :
تصور أنك تقود سيارة وهناك بداخلها جرس إنذار يرن ويزعجك دائما فتقول :
(( لا أستطيع أن أفعل شيئا في الوقت الحالي حتى يتوقف جرس الإنذار عن العمل ، ولكني سوف أتغاضى عن الصوت وسوف أكمل طريقي في قيادة السيارة ، وليبقى الجرس المزعج يرن فهو لا يهمني ولا يؤثر علي فانا أقود السيارة ولم أتأثر ))

هذه الجملة تماثل في مرضنا الجملة التالية حيث تقول عندما يأتيك الوسواس :
إنه مجرد وسواسي الغبي ، ليس له أي معنى ، لا داعي للإ هتمام به ، لست انا السبب ، هذه الوساوس لت تؤثر على خط سير حياتي وبرامجي ، هذه الوساوس لن تختفي في المدى القصير لكن مع الوقت سوف تختفي وتزول ...
خامسا: الخاتمة :
الوسواس والالحاح حالة مرضية سببها خلل كيمياوي في المخ ، إذا جابهتهما وجها لوجه واصطدمت بكامل قوتك بهما محاولا أن تطردهما من زهنك ، فستتغلبان عليك في كل مرة ، لكن كن ذكيا :
تنحى جانبا والتف من حول الوساوس لتنتقل للمرحلة التالية ، خاصة انك تعلمت الأن كيف تستخدم ذكائك في مواجهة عدو قوي ، والدرس هنا يتعدى التغلب على مرض الوسواس ، فباتخاذك زمام الأمر في تصرفاتك ستأخذ زمام امر عقلك ، وكذلك ستاخذ زمام حياتك ، وختاما لنقل جميعا :
نحن المصابين بمرض الوسواس القهري لا بد لنا ان نتعلم كيف ندرس عقولنا ، لا أن نأخذ المشاعر المتطفلة مأخذ الجد ،
لا بد ان نعلم أن هذه المشاعر تخدعنا ، سنقوم بتغيير إستجابتنا للمشاعر هذه ، وسنقومها بشكل تدريجي ومعتدل ، وبهذا سنحصل على نظرة جديدة للحقيقة ، ونتعلم أنه حتى المشاعر الملحة المتطفلة ستكون إنتقالية وليس لها دوام ،
إنها ستبدأ بالتقلص لو لم نستجب لها ، بالطبع إننا دائما نتذكر ان هذه المشاعر تزداز حدة وتغمرنا لما نستسلم لها ، لابد لنا ان نعرف الوساوس هذه على حقيقتها ثم نقاومها ، وان لا نربط بين وجود هذه الوساوس ومستوى ايماننا , فلا علاقة لوجودها بموضوع الإيمان ،
نحن بطريقة الخطوات الأربع نضع قواعد لفرض سيادة على انفسنا بكل ما تعنيه من معاني نحن نزيد من ثقتنا بانفسنا ، ونحس بطعم الحرية ، ستتحسن قدرتنا لإتخاذ قرارات قمنا بإختيارها
نحن نحصل على غدراك عميق للطريقة التي تمكننا من إستعاجة حياتنا الطبيعية ..
ولن يغيب عن بالنا في أي لحظة قوله صلى الله عليه وسلم :
( ما قضى الله لمؤمن من قضاء إلا كان خيرا له )
وقول لقمان لإبنه من رواية سعيد بن المثيب :
( يا بني : لا ينزلن بك أمر رضيته أم كرهته ، إلا جعلت في الضمير أن ذلك خيرا لك ، ولعل ما صرف عنك أعظم مما إبتليت به ، ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك )

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
 
أعلى