ملامحنا

بيت حميد

¬°•| عضــو شرف |•°¬
إنضم
28 أكتوبر 2010
المشاركات
348
ملامحنا​


لم أنم البارحة سوى أقلّ من ساعة، قمت فزعاً للمرآة أتأكد من ملامح وجهي. كنت متأكداً أنّي سأجد وجهاً غير الوجه الذي تعوّدت عليه طيلة سنوات عمري المنقضية. ولم يخب ظنّي أبداً.....لقد كان مختلفاً تماماً. أشكالنا وملامحنا الجسمانية ليست ثابتة، بل متغيّرة تبعاً لشكل أرواحنا الداخلية، وأرواحنا يعتريها ما يعتريها من مشاعر وأحاسيس....حزن وفرح....الرحمة...الخوف....طيف واسع من الأحاسيس لاتحدّه حدود.

كان لي صديق، أنهينا المدرسة الثانوية معاً، ثم لم أره بعد ذلك إلا بعد بضع سنين. فوجئت كثيراً عند رؤيته، لم أعرفه أول الأمر، ولقد خيّل لي للحظات أنّه آسيوي. بعد ذلك علمت أنّه تزوّج من فلبّينية بعد أن أحبّها......ماذا لو كنت ممن يتمتعون بموهبة الفراسة، لربّما كانت النظرة الأولى له ستخبرني أنّه يحبّ تلك الملامح التي رأيته بها أول الأمر.

أعود لوجهي الذي رأيته في المرآة هذا الصباح. قد تتسائلون .... لماذا توقّعت أن تكون ملامحه مختلفة المعتاد؟....الجواب ببساطة لأني البارحة اختبرت طيفاً من المشاعر القاسية العميقة وتأكدت أنّ شيئاً ما قد تغيّر في روحي. بالمناسبة.....ماكنت لأنتبه للأمر لولا أنّي لاحظت شيئاً على أحد رفقاء السمر وهو أبو جمال. أبو جمال من أطيب الناس معشراً، وجوده عادةً ما يشعرني بالحياة والآمال، وأن الابتسامة على بعد مدّة اليد....فقط علينا أن نمد لها أيدينا.

لكن أبا جمال كان البارحة رجلاً آخر، حتّى أنّه جاء وجلس دون تلك الضجّة المرحة التي عادةً ما تصاحب وصوله. عندما جلست بجانبه لمحت للمرّة الأولى تجاعيد جانبيّة حول فمه وهو يحيّيني بابتسامة شاكية، أمعنت النظر لوجهه فإذا بي أراه ناحلاً بعض الشيء وكأن أحداً يضغط عليه.

تخيّلوا.....عندما سأله أحد الجلساء عن سرّ تعكّر مزاجه قال "اليوم تلقّيت ضربة على وجههي"....كان يقول ذلك كناية عن مواجهته لمشكلة مع أحدهم.....لكن انظروا للتعبير الذي استخدمه بشكل عفوي.

المهمّ....حين نظرت لوجهي في المرآة وجدت رجلاً آخر غير الذي أعرفه، وجدت عينين ضائعتين لا تعرفان إلا ما تنظران، وشفتين ورائهما كلام كثير لكنّهما لم يتعلّما لغة بعد....وجدت انكساراً نحو طريق مجهول الملامح.....من يسلكه لن يكون بحاجة للنظر أو للكلام.
 
أعلى