إني وضعتها أنثى (قصة مؤثرة جدا جدا)...

أم حمودي

¬°•| آم الحلوين |•°¬
إنضم
15 ديسمبر 2010
المشاركات
4,586
الإقامة
بيتنا الا فيه باب
إني وضعتها أنثى (قصة مؤثرة جدا جدا)...

أخرجوها من غرفة العمليات.. أعصابه مشدودة.. بدأت ترتاح عندما رآها بخير.. وقدمت الممرضة بالمولود الجديد.. نسي نفسه وزوجته والعالم بأسره.. ركض إليها مسرعاً.
- ماذا رُزقتُ؟؟
- أنثى.
- تيارات قاسية من الحزن تخرج من جوفه تمر بحلقه وتخترق رأسه.
- إنها جميلة جداً.. وقالت أمها إنها (وجد).
- نظر إليها.. شِفاه (وجد) الطرية تتحرك وكأنها تريد أن تبتسم لوالدها.. لكن عيونه كانت تتحدث: لماذا أتيتِ؟! لم أريدك أنت! كم انتظرت هذا المولود.
يا الله!
أيسبغ علينا سبحانه بنعمه ثم نركلها بدلاً من الشكران والحمد!!
كان خيراً لنا أن نركل ما رسب في أذهاننا من عادات مقيتة، وتقاليد سقيمة، تدل على سخف رؤانا وتفاهة تفكيرنا، وقلة حيلتنا في التعامل مع مطالب الحياة.
دخل إلى زوجته بعد أن نقلوها إلى غرفتها.. تحدثت إليه:
- ألم ترها؟! إنها جميلة جداً.. انظر إلى هذه الشعرات الشقراء ما أروعها.
- لم يرد سوى بـ: (حمداً لله على سلامتك).. غصت الأم واغرورقت عيناها بالدموع.. ضمت ابنتها.. نظرت إليه نظره فاحصة، كاد يعميها الحزن الذي يتلبسه، أشاحت وجهها عنه وألقمت (وجد) ثديها، تدفق في لبنها جرعات زائدة من الحب والحنان علها تعوضها ما ستفقد من حنان الأب!
مرت الأيام.. (وجد) تكبر وتحلو.. وأبوها غير مكترث لها.. غافل عن لحظات السعادة التي تغمر الوالدين عندما يراقبان حركات وسكنات ولدهما.. اليوم لثغة.. غداً تحبو.. وبعدها تمشي .. وهكذا.. عيناها الزرقاوان تلمعان وتسحران كل من يراهما بصفائهما وبريقهما..
صار عمرها ثلاث سنوات وخصل الشعر الأشقر وصلت إلى كتفها.. ثغرها شديد الحمرة بدأ يتحرك بكلمات بريئة تدغدغ القلب..
ذات يوم كان أبوها يجلس على الأريكة ذاهلاً عما حوله.. فأمسكت الكرة ورمتها إليه.. ارتطمت الكرة برجله و لم ينتبه! ركضت نحو الكرة ورمتها إليه مرة أخرى.. أيضاً لم ينتبه.. صعدت على الأريكة.. قبلت يده ووضعتها على وجهها.. لكنه لم يتحرك..
نظرت إليه فإذا هو نائم.. وضعت رأسها على حضنه وبدأت تغني بكلمات قليلة حفظتها من أمها عندما كانت تغني لها لتنام.. وهي تمرر يدها على يده وكأنه طفلها وهي تنومه.. وهكذا حتى نامت هي الأخرى.. دخلت الأم فوجدت الاثنين نائمين معاً.. تفاجأت!
وامتلأت عيناها بالدموع فرحاً..
عندما استيقظ الأب قبّل (وجد) على رأسها قبلةً سريعة ومضى إلى عمله..
ولأول مرة منذ أن ولدت أخذ يفكر ماذا سيجلب لها وهو عائد إلى المنزل.. لقد تخيل أنه يعطيها السكاكر.. وأنها فرحة.. امتلأ قلبه بالنشوة عندما تحركت في مخيلته هذه الصورة..
أوقف سيارته، نزل إلى البائع وجلب لها كيساً مليئاً بالسكاكر.. عاد إلى البيت في المساء.. فتحت زوجته الباب وهي في ثياب الخروج!
- ماذا دهاك؟! لماذا أنت خارجة في مثل هذا الوقت؟!
- أبي مريض، نقلوه إلى المستشفى وأريد أن أراه.
- إذاً أوصلكِ؟
- لا، ابقَ أنت عند (وجد) وسيأتي أخي ليأخذني الآن.
- حسناً.
ذهبت أم (وجد) وبقي هو مع (وجد) وحدهما في المنزل، بدّل ملابسه ودخل إلى غرفة الجلوس، كانت (وجد) تجلس على الأرض وتداعب دميتها، رسم ثغرها ابتسامة مميزة كأنها تستدر عطفه.
- أتعرفين ماذا جلبت لك يا وجد؟!
- ردت بابتسامة.
- خذي هذه السكاكر، إنها ملونة ولذيذة، احتضنت (وجد) السكاكر وكأنها أمسكت كنزاً ثميناً، كادت تطير بما تحمل في يديها. أشارت إليه أن يفتح لها واحدة، ففعل وألقمها إياها بيده، مصت إصبعه وهو يضعها في فيها، لأول مرة يضع لها شيئاً في فمها!! ما هذا الشعور الرائع الذي حرم منه نفسه كل هذه الأيام، جلس إلى أريكته يشاهد التلفاز، و(وجْد) تلعب مع دميتها، بدأ يحس بالتعب، مد رجليه على الأريكة وحدث نفسه: اليوم كان شاقاً جداً، أشاح بنظره عن التلفاز وأخذ ينظر إلى وجد وكأنه يراها لأول مرة، التعب يزداد، صورة وجد تهتز في عينيه من شدة التعب، اصفرَّ وجهه!
إنه يشعر بالاختناق، حاول فتح النافذة إلا أن حركته كانت مشلولة، فك زر القميص قرب رقبته، وجهه بدا شاحباً جداً، العرق البارد يتصبب بغزارة، قلبه ينبض بسرعة، أطرافه باردة، حاول الوقوف يريد طلب المساعدة، وقع على الأرض قبل أن تصل يده إلى الهاتف، لم يعد يرى شيئاً، حتى قدرته على الكلام أصبحت مشلولة، الظلام يملأ رأسه!
عرف أنه الموت، صار يحاول أن يذكر الله بلسانه علّه يغفر له لكن لسانه لم يستجيب، إنه يشعر بنفَسٍ قربه، آه إنها (وجد) إنها قربه!
زحفت وجد نحوه.. يداها ترتجفان وعيناها تبكيان.. المسكينة الصغيرة لم تعرف ماذا ستفعل؟!!
أخرجت السكرة من فيها فهي لا تملك غيرها!!
وضعتها في فم أبيها ضمت رأسه بكلتا يديها وهي تبكي وتلثمه من كل مكان في وجهه.. بدأت أمارات الارتياح تظهر على وجهه.. عادت زوجته بعد زمن قليل فوجدتهُ ملقىً على الأرض، طلبتت من فورهت الطبيب.. أجرى له الطبيب الفحوصات، وقال له: لقد أُصبتَ بإنخفاض حاد في السكر، وكدت تفقد حياتك، ولكن هذه السّكرة هي التي أنقذتك!!
أخذ يبكي كولدٍ صغير.. استغرب الطبيب وانسحب لا يدري لمَ كل هذا البكاء؟!
حملت الأم صغيرتها ومشت باتجاه غرفة نومها.. فناداها: أم وجد!
لأول مرة يناديها أم وجد!! استدارت نحوه مستفهمة ماذا يريد منها.
- أريد (وجد).
- إنها نائمة.
- أريد أن أقبلها.
- إنها نائمة، قد توقظها.
- تعالي إليّ.
بكت أم وجد.. ضمها زوجها وهي حاملة بنتها وقال لها: سامحيني أرجوكِ.. سامحوني.. سامحني يا الله! اغفرلي.. حمداً لك يا الله.. حمداً لك..
وضعت الأم إصبعها على فمها وأشارت إليه: اخفض صوتك... إنها نائمة.

 نقلاً عن كتاب (عندما يحلو المساء).. للدكتور حسان شمسي باشا.. كتاب رائع جدا، ويحتاجه كل بيت.​




منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
 

روح الخير

¬°•|عضو مهم |•°¬
إنضم
13 أبريل 2013
المشاركات
1,445
القصة جميلة جدا
شكرا على الاختيار والنقل الموفق

ممتعة بحق
تشراتي مع امنياتي
 

هردلك يا قلبي

¬°•| عضو فعّال |•°¬
إنضم
5 فبراير 2012
المشاركات
166
الإقامة
البريمي دار عيني
يـــسـلـمــووو ع الــــقـــصــة

جـــميـــلة جــدااً و تــحــمـــل عــبـــرة عـــظــــيــمة

تـــــقــبــــلــي مـــرووورــــي :ش12:
 
أعلى