المسلسلات الخليجية تقدم كل شيء عدا الفن الهادف

حكاية روح

¬°•| سَحَابة صَيفْ |•°¬
إنضم
27 نوفمبر 2009
المشاركات
11,771
الإقامة
حَيْثُ القَلمْ
المصدر:
  • دبي ـ فضيلة المعيني
التاريخ: 12 أغسطس 2012
من لا يعرف شيئا عن المجتمع الخليجي والأسرة الخليجية على وجه الخصوص، وأراد أن يتعرف عليها من المسلسلات الخليجية ومما يدور في هذه البيوت، متخذاً منها مصدراً لمعلوماته فإنه قطعاً سيصاب بالصدمة من هول ما سيصل إليه من نتيجة قل عنها ما شئت، وصفها بما شئت من أوصاف.



فما تقدمه الدراما الخليجية خلال الشهر الكريم، والتي تحتل مساحة كبيرة من خارطة الدورة البرامجية للشهر لا تمت بصلة للمجتمع الخليجي، الذي يختلف عن غيره من المجتمعات العربية، من ناحية محافظتها وتمسكها بثوابت عديدة وعادات كثيرة اختفت من مجتمعات كثيرة.
عناوين بارزة
العنوان البارز للمسلسلات الخليجية، ونقف فقط عند ما يعرض في فضائيات دبي وأبوظبي العنف المتزايد، صراخ لا ينقطع، وألفاظ نابية، ومحاولة تكريس مفاهيم مغلوطة عن الخليجيين، زوجة تنهال ضرباً وركلا ورفسا وصفعات متتالية على وجه زوجها سرا وجهرا، السخرية من شكله وشعره ومطالبته بالطلاق.
فيما يتوسل إليها طالبا الصفح والسماح دون أن يخطئ في حقها، خيانات زوجية وعلاقات محرمة من الطرفين، غش وخداع، زعل وخصام وشجار طوال الوقت بين الأزواج والأشقاء وأمهات الأزواج وزوجات الأبناء، لا حب يجمع بين الأهل والأقارب، ولا مودة تطرق أبوابهم، الكذب والسرقة، وكل الصفات السيئة منتشرة بين أفراد العائلة من خطط شرية ومكائد للإيقاع ببعض من اجل المادة وأشياء غيرها.
لغة التخاطب تخلو من الأدب والذوق، البنت تجاهر في وجه أبيها أنه كذاب وأنها لا تحبه ولا تحترمه والأب يطرد بناته الى الشارع في منتصف الليل، لا وجود لمعاني الوفاء والإخلاص وغيرهما من الصفات الحميدة والأخلاق الطيبة بينهم، ينادون بعضهم بأسوأ الألقاب، ولغة المناداة "أنت هي هي".
ملابس الممثلات
ملابس الممثلات التي يشعر المشاهد وكأن لدى المنتجين والمخرجين "مكائن" تفرخ لهم سنويا عشرات الممثلات من الوجوه الجديدة، معظمهن عرفن طريق التمثيل والتلفزيون عبر الأبواب الخارجية والنوافذ الضيقة، وربما صدف سعيدة ملابسهن وحدها حكاية شرحها طويل، فقد اختفت موضة الجلابيات الفخمة وفساتين السهرة التي كانت الممثلات يبدون وكأنهن "حريم السلطان" .
وأصبحت ملابس الممثلات اليوم "بجامات" من النوع الذي لا يصلح إلا لغرف النوم في الواقع، وتخجل الفتاة أن تخرج بها إلى الصالة أمام أفراد أسرتها، اما المشاهد الخارجية فالجينزات الضيقة وليس شيئاً آخر غيرها، وأصبحت الممثلات اللائي يقدمن دراما خليجية ينافسن الممثلات الأميركيات في أكثر الأعمال إثارة وتحررا.
وجوه مكررة
ومن الملاحظ جدا اعتماد المنتجين خلال السنوات القليلة الماضية على عدد كبير من الفتيات يزج بهن زجا في المسلسلات، ولا يكون لأدوارهن أي تأثير في العمل الفني ولا حاجة إلى وجود دورها من الأصل إنما "المنتج عاوز كده" من أجل الترويج ونسبة المشاهدين، ليس إلا، حتى باتت الواحدة منهن نراها في أكثر من مسلسل خلال الشهر الكريم، يصل ظهور بعضهن إلى 4 أو 6 مسلسلات.
ممثلات بفعل النفخ وعمليات التجميل وزوائد هنا وأخرى هناك، لم يعد في وسع المشاهد أن يميز بينهن، بل ويصعب عليه بفعل الشد والنفخ من تحديد الانفعالات على ملامحهن، فهل هي غاضبة أم مبتسمة، فرحة أم مندهشة، كل ذلك لم يعد له وجود.
محتوى
أما المحتوى فحدث ولا حرج، فتكرار ممل في معظم الأعمال عدا عدد منها، إطالة في عدد الحلقات ـ ولا أدري هنا من الذي حكم على المسلسلات التي تعرض في رمضان أن تكون 30 حلقة بالكمال والتمام ـ ما المانع في وجود سباعيات وأقل أو أكثر من ذلك.
الكوميديا اختفت، ولم يسعف الجهد المبذول في المسلسل الخليجي من أن يبهج المشاهد وجاء مثل غيره باهتا، ولم يتمكن من استثمار نجاحات لنفس الأبطال في أعمال سابقة لصالح أعمال حالية، ولم تسعف إمكانات ممثلات قدمن أدوارا جادة وحزينة من تقديم كوميديا.
براءة
هنا وهناك كل المجتمعات الخليجية أعلنت براءتها من الأعمال، التي تقدم باسمها وبلهجتها، وتصرخ الأسر أنها لا تمثلها ولا تشبهها رافضة أن تقدم باسمها، إذن من تقدم هذه الأعمال؟ وكنا نشكو فيما مضى أن فضائياتنا تقدم الترفيه والإعلان، اليوم حتى الترفيه لم تعد تقدمه في هذه المسلسلات بل هو غث وسقوط، لا تعبر عن المجتمع الخليجي بل تسيء له بمثل هذه الأعمال التي تبدو سيطرة المنتج عليها كبيرة، وله الهيمنة والكلمة الأولى والأخيرة في الأعمال المقدمة.
مأساة

"تفصيص" كل عمل من الأعمال المعروضة هذا الشهر يكشف حجم المأساة، الذي تعانيه الدراما الخليجية إلا فيما ندر، وتفضح هذه الأعمال كم يسيء منتجوها ليس إلى المجتمع الخليجي، بل إلى القيم والمثل والمسؤولية المجتمعية.
وتمنينا لو تبنى عمل واحد قضية تهم المجتمع الخليجي وتناولها بالشكل اللائق من كل جوانبها، وقدم الحلول والمقترحات لوقفنا نصفق له وندعمه، لكن هيهات. ونأمل وهذا هو الحال، أن تعمد المؤسسات الاعلامية وهي المنتجة لبعض المسلسلات أن تكون لها الكلمة الأولى فيما تنتجه من خلال لجنة تجيز النص وفق شروطها يقدم العمل الهادف بعيدا عن حسابات أخرى.​
 
أعلى