|| صَرْخَةُ الحُرِيَةِ||

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
|| صَرْخَةُ الحُرِيَةِ||تَرْجَمَةٌ

1
البداية
عند مصب نهر ريفر بفالو في مياه المحيط الهندي الدافئة, وعلى الساحل الجنوب الشرقي لحنوب أفريقيا, تقع مدينة إيست لندن بطقسها الرائع وشطآنها الرملية الجميلة وبحرها الصافي وأشجارها دلئمة الخضرة. مدينة إيست لندن هي أيضا موئل الصحيفة الذائعة الصيت, الديلي ديسباتش والتي شرعت في نوفمبر سنة 1975 معركة جديدة ضد حكومة جنوب إفريقيا.
جلس دونالد وودز, رئيس تحرير الديلي ديسباتش أمام مكتبه يتصفح مواضيع الصفحة الرئيسة لجريدة الغد. كانت هناك قصة عن رفض الحكومة التماسا يقضي باطلاق سراح نلسون مانديلا. وهناك أيضا قصة عفو الرئيس فورد, رئيس الولايات المتحدة الأمريكية, عن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون. وكان في نية وودز أن يجعل هذه القصة قصة العدد لولا أن أخبارا وصلت للتو عن غارة للشرطة على قرية للسود تدعى كروس روودس في كيب تاون التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر على الطرف الأقصى من الجنوب الغربي لجنوب إفريقيا. نحى وودز القصص من على مكتبه وعزم على أن يجعل قصة كروسرودز العنوان الرئيس وجعل أخبار المصنع الياباني في الصفحة الأخيرة.
اندفع كين روبيرتسون أحد صحفي الديلي ديسباتش إلى المكتب صائحا:" أيها الرئيس" ورمى رزمة من الصور على مكتب وودز. بينما انشغل وودز بتصفح الصور أشعل كين سيجارة وبدأ بالتدخين.
كانت الصور تحكي غارة الشرطة على كرووس روودس وتظهر امرأة تحمل طفلا واقفة أمام حطام بيتها, وأخرى تظهر رجلي شرطة يضربان صبيا وثالثة تظهر رجلا عجوزا جالسا على كرسي هزاز يحفه جدار متهدم, ورابعة تصور شرطيا يطارد فتاة بسوطه وأخرى تصور بلدوزرا يهدم مطبخا.
نظر وودز إلى كين مدهوشا وسأله:" كيف حصلت على هذه الصور؟"
ابتسم كين وقال:" لقد حصلت عليها". ولكن هل نجرؤ على نشرها؟
تمعن وودز في الصور مرة أخرى.
إن العمال السود في كيب تاون قد يعملون من دون ترخيص وبعضهم يأتون بعوائلهم خلافا للقانون ويبنون لهم حجرات من صناديق خشبية ومن قطع الصفيح. كان الموظفون البيض يستفيدون من قانون التعويضات الذي يقبل به العمال غير المصرح لهم. ورغم ذلك وبين الفينة والأخرى تأتي الشرطه بعصيها وبقنابل الغاز الحارقة المسيلة للدموع وتحشر الرجال في باصات وتنقلهم إلى خارج المدينة. ثم تأتي الجرارات الثقيلة لتحيل تلك الأكواخ المصنوعة من الصناديق الخشبية وقطع الصفيح إلى شذر مذر.
تبسم وودز فجأة وقال: سأنشرها وسأضع اسمك أسفلها.
شكرا ولكن إذا استجوبتني الشرطة سيكون اسمك هو الأول الذي ستنطق به شفتاي.
لا يسمح القانون للصحف بنشر صور تظهر اضطهاد الشرطة للسود ولكن إذا كانت هناك صور عنيفة كثيرة فإن الحكومة تغض الطرف عنها من أجل الحيلولة من نشر الصحف مزيدا من المعلومات.
ومرة أخرى أصر وودز الذي جعله شعره الرمادي يبدو أكبر عمرا من سنيه الأثنتين والأربعين و محدقا إلى كين من خلال عدسات نظارته "هيا أخبرني, من أين لك هذه الصور؟"
" كل ما يمكنني قوله أن على الصحيفة أن تدفع نفقاتي ومعاقرة الخمر هي الجزء الأصعب في وظيفتي". ثم التقط كين إحدى الصور وكانت تظهر حائطا تغطيه صورة كبيرة لشاب جميل الوجه وجدي مكتوب تحتها اسم "بيكو".
سأله كين:" ماذا عن السيد بيكو, هل ستستخدم اسمه؟"
" هل كان السيد بيكو مجتمعا بأنصاره في كروسروودز؟
"أظن ذلك. وقيل لي بأن اسمه كان في كل مكان".
استرخى وودز على كرسيه ونزع نظارته لفترة ثم قال:" لا لن استخدم اسمه. دعه الآن خارج التقرير. أريد أن اكتب عنه وعن منظمته " السود الواعيين" في الافتتاحيه.
أومأ كين برأسه ثم غادر الغرفه ومعه الصور. فاسترخى وودز على كرسيه. إنه لم يكن يستصوب أنه يجب السماح للسود بالتصويت وأيضا يقبل بالقانون الذي يفرض على السود والبيض العيش منفصلين. لكن وودز تدرب كمحامي ولم يكن يرضى عن وحشية الشرطة ضد السود. قرر أن يضع إحدى صور التي جلبها كين في وسط افتتاحية الصفحة الأولى.
استخدمت الصحف من جميع أنحاء جنوب افريقيا صور الإعارة على كروسرودز التي أتى بها كين. وفي المقابل تلقى وودزالعديد من التهديدات من قبل الشرطة على الهاتف ومتصلين مجهولين هددوا باستهدافه. ولكن كلمات الثناء والإطراء انهالت عليه من محرري الصحف الأخرى. ومع أن الافتتاحيه هاجمت ستيفن بيكو إلا أنها نالت استحسان الجميع. أو على الأقل هذا ما ظنه وودز.
اندفعت مامفيلا رامفيلي بخطى واثقة إلى مكاتب الديلي ديسباتش. كانت تلبس جينزا وقميصا أبيضا وعليها مسحة من الجمال. وعندما اقتربت من مكتب الاستقبال, رمت صحيفة أمام آن هوبارت وسألت بحدة:" من المسؤول عن هذا؟"
نظرت آن إلى الصحيفة التي كانت مطوية بحيث تظهر افتتاحية وودز عن بيكو": الزنجي ستيفن بيكو: الوجه القبيح للعنصرية السوداء".
أخرجت بطاقتها التعريفية, وقالت: أنا الطبيبة مامفيلا رامفيلي, ولن أخرج حتى يقابلني المسؤول. ترددت آن التي كانت منزعجة من هذه المرأة السمراء التي كانت واثقة من نفسها كثيرا. ولكن آن رفعت سماعة الهاتف وببرود قالت:" سيد وودز, هنا الطبيبة مامفيلا رامفيلي وتود أن تتحدث إليك"
حسب وودز أن الطبيبة مامفيلي ما هو إلا رجل عجوز يريد أن يكاشفه بقصة ما, ورد: أدخليه من فضلك. رفع وودز رأسه عن عمله عندما فتحت آن الباب معلنة دخول الطبيبة رامفيلي وكان مدهوشا ليرى شابة غاضبة تندفع نحوه. وضعت مامفيلا الافتتاحية على المكتب أمام وودز وقالت: لقد قرأت هذه الصحيفة مرارا وتكرار لأدرك أنك لست من أولئك البيض البغيضين رؤساء التحرير. لذا فأنا مذهولة كيف تكتب مثل هذا الهراء.
صحى وودز من المفاجأة وقال: حسن أيتها الطبيبة مامفيلي. أنا كتبت عن تحيز البيض وإن كنت تظنين أنني لن أكتب عن تحيز السود فأنت تشتكين إلى الشخص الخطأ.
هنا انفجرت مامفيلا من الغضب :" تحيز السود! هذا ليس ما يعتقده ستيف بيكو على الإطلاق. ألم تتحر الحقائق أولا قبل أن تكتب؟
وبحنق رد وودز:" أظن أني أفهم ما الذي يعتقده السيد بيكو"
قاطعته مامفيلا:" إذا فأنت فهمت خطأ". " هو لا يستطيع أن يأتيك منذ أن فرضت عليه إقامة جبرية في حدود بلدته. إذا أردت أن تعلم الحقيقة يجب عليك أن تذهب إليه وتراه".
نظر وودز إلى مامفيلا في صمت. كانت جميلة وذكية وواثقة من نفسها وأخيرا سألها وقد ذهب الغضب من صوته:" من أين أنت؟"
كانت مامفيلا لا تزال حنقة :" من هنا من جنوب إفريقيا وكنت أحد اثنين من منطقتي القبلية اللذين أعطيا مكانا في مدرسة ناتال الطبية. فأنا مثال على اهتمام قومك البيض بالشعوب السمراء لهذه الأرض.
كان وودز على وشك أن بفقد أعصابه تنفس الصعداء ورجع بظهره على كرسيه ورمى بقلمه الرصاص على المكتب و برويه قال:" حسن إذا, أنا سعيد إذ لم تذهب أموالنا سدى!"
انفرجت شفتا مامفيلا عن ابتسامة إذ أن دعابة وودز أذهبت غيضها. ابتعدت مامفيلا عن المكتب وجلست محدقة إلى وودز كأنها لا تعرف ما الذي يتوجب عليها أن تقوله بعد.
أخيرا تكلمت مرة أخرى:" سيد وودز أنا أعلم أنك لست مغفلا ولكنك لا تعلم شيئا عن بيكو. ستيف بيكو هو أحد القلائل الذين مازالوا يستطيعون إنقاذ جنوب إفريقيا. هو يسكن في مدينة الملك وليام وهي منطقة إقامته الجبرية. يجب عليك أن تراه.
بدا لوودز أن صدقها المخلص كان مؤثرا كغضبتها الآنفة.


يتبع
 
التعديل الأخير:

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
يرتفع الطريق إلى الشمال من مدينة إيست لندن تدريجيا من الساحل إلى الهضاب المعشبة ثم ينزل مرة أخرى إلى وادي نهر بافالو الذي يبعد حوالي 60 كم من مدينة إيست لندن. بديهيا فإن البيض هم وحدهم من يسكنون مدينة الملك وليام. وفي ضواحي المدينة حيث تقبع تجمعات السود والتي تبعد بضعة كيلومترات عن مركز المدينة, قاد وودز سيارته المرسيدس البيضاء في طريقه إلى العنوان الذي أعطته إياه الطبيبة مامفيلي. كانت البيوت صغيرة وبائسة غير أن التلال المجاورة للتجمعات والتي تكسوها أشجار السنط كانت خلابة.
ساق وودز السيارة غير مصدق إنه في طريقه إلى مقابلة رجل مدان في عنوان في مدينة للبيض. ووجد نفس الشارع العريض الذي تحف الأشجار جانبيه. كان العنوان عبارة عن كنيسة قديمة حولها أشجار صغيرة وبقايا سور مهدم. ركن وودز سيارته على جانب الطريق ونظر إلى الكنيسة للحظة فلاحظ رجلي أمن تحت شجرة غير بعيد عن الكنيسة. كان جليا أنهما مراقبا بيكو, فابتسم وودز ولوح لهما بيده. ظن وودز أنه يجب مراقبة بيكو لأن بيكو يسعى إلى إنشاء منظمات انفصالية للسود وهي ما يعتبرها وودز أنها خطرة.
ترجل وودز من السيارة وقطع الشارع إلى الجانب الآخر إلى باب الكنسية حيث قرع الجرس الصدئ وفتح الباب حالا. حيته امرأة سمراء شابة التي بدت جسيمة قليلا بابتسامة عذبة وسألته:" السيد وودز؟"
أجاب وودز:" نعم, أنا هنا لمقابلة ستيف بيكو."
جرى صبي صغير ووقف إلى جانبها, ممسكا بطرف ثوبها ويحدق إلى الرجل الأبيض بخجل.
قالت:" أنا زوج ستيف واسمي نتسيكي" وفتحت الباب عن آخره. كان وودز مستغربا فنتسيكي كانت مهذبة وودودة وليس ما توقعه من هؤلاء الناس. ثم خطا إلى داخل الكنيسة وتلقى مفاجأة أخرى. كان بعض الرجال والنساء يصبغون جدران الكنيسة في حين أن آخرين كانوا يضعون فواصل داخلية وفي إحدى زوايا الكنيسة كان بعض الفتيات يعملن في الخياطة, وفي مساحة أخرى كانت هناك مكتبة من الكتب القديمة والمجلات. وفي ركن ثالث, كان هناك رجل عجوز يصنع لعبا للأطفال.
قالت نتسيكي وهما يمشيان داخل الكنسية:" نحن نحاول أن نخلق مركزا يستطيع أن يجتمع فيه السود, علهم يستفيدون معلومة, أو يحصلون أخبارا عن الوظائف." وما زال الصبي الصغير ممسكا بتنورة أمه ويبتسم نحو وودز الذي بادله الابتسامه وسألها:" ومن هذا؟"
أجابت نتسيكي:" أوه, إنه نكوسيناثي, أحيانا يكون شقيا أكثر من أبيه. وفتحت الباب إنه ينتظرك سيد وودز."
وعندما خطا وودز عبر الباب صفق الباب خلفه مباشرة. نظر وودز حوله ولكنه لم يستطع أن يرى أحدا. كان وودز في ساحة الكنيسة التي كانت مهملة و تكسوها الأعشاب الطويلة. وكانت هناك شجرة قديمة ضخمة أغصانها تمس الأرض ويشع ضوء الشمس خلال أوراقها في منتصف الساحة.
تقدم وودز إلا الأمام باحثا عن أي أحد. وكان هناك مبنى ضغير على الجانب الآخر من الساحة ولكن ما من دلائل على وجود أحد. فبدأ وودز يشعر بالضيق ثم لمح بطرف عينه شيئا ما بجانب الشجرة. كان شخص أسمر طويل يقف ساكنا ويراقب وودز.
فصاح به وودز:" هل أنت بيكو؟ ستيف بيكو؟
أدار الرجل ظهره واتجه نحو المبنى الصغير وقال:" تعال, اتبعني."
شعر وودز بالضيق أكثر, تنهد ومشى عبر الساحة إلى المبنى. نظر وودز عبر الباب وأدرك أن المبنى هو مكتب صغير. وقف الرجل في الظلال خلف المكتب حتى أن وودز لم يتمكن من رؤية الوجه كلية ليعرف ما إذا كان هذا الرجل بيكو أو لا. كانت عينا الرجل الواسعتين والسوداوين تراقبان وودز في صمت.
وأخيرا سأله وودز:" هل لي أن أدخل؟"
أومأ الرجل برأسه أن نعم.
تنهد وودز مرة أخرى وخطا إلى داخل المكتب وهو يقول:" لا أملك اليوم بطوله للعب وأنا....",
قاطعه بيكو قائلا:" كان يجب أن أقابلك في الكنيسة ولكن كما تعلم لا يسمح لي بالإختلاء إلا بشخص واحد فقط في المرة الواحدة والأمن موجودون في الشارع الآن."
استطاع وودز التأكد من أن هذا الرجل هو بيكو فالرجلان الآن يقفان وجها لوجه. بيكو رجل شاب ووسيم وعيناه الغائرتان وشديدتا السواد مفعمتين بالحياة وحساستين. يعلم وودز أن السود يستعملون كلمة النظام للإشارة إلى أي سلطة للبيض سواء كانت الشرطة أو الحكومة أو الجيش وبيكو عنا بها ذينك الرجلين من أمن الشرطة الموجودين في الشارع.
ابتدأ بيكو قائلا:" بالطبع أنت تؤيد عزلي!"
اراد وودز أن يقول أنه محق ولكنه تردد في ذلك لأنه أتي لكي يستمع إلى أراء بيكو. وأخيرا أجابه:" أعتقد أن أفكارك خطرة ولكن كلا فأنا لا أحبذ عزلك".
قال بيكو:" ليبرالي وفي".
احتد وودز قائلا:" أنا لا أخجل من كوني ليبراليا ولكنك أنت ترفض الليبرالية":
ابتسم بيكو واحتج قائلا:" كلمة ترفض كلمة كبيرة ولكن أنا أظن أن ليبراليا أبيض الذي ينتفع من عالمه الأبيض- الوظائف والبيوت والتعليم والمرسيدس ليس له الحق بأن يقول للسود كيف عليهم أن يتصرفوا ضد الطريقة التي تدار بها هذه البلاد.
أومأ وودز برأسه ببرود وقال: إني أتساءل سيد بيكو عن نوع الليبرالي الذي سوف تصنعه لو كنت أنت الذي يملك البيت والوظيفة والمرسيدس وكان البيض يعيشون في قرى الصفيح.
ضحك بيكو عاليا وقال:" الآن هذه فكرة مغرية. البيض في وقرى الصفيح وأنا في المرسيدس. ثم ابتسم بدفء وصدق كزوجته ومد يده للمصافحة:" من الجيد أنك أتيت سيد وودز. لقد رغبت في رؤيتك منذ فترة طويلة".
تررد وودز لحظة ملاحظا التغير السريع في المزاج والذكاء والإخلاص غير المتوقع في عينيه والحرارة في الابتسامة. ثم مد يده وصافح بيكو.
كانت البدابة.

3
تعليم لبرالي
صباح ذلك اليوم توجه دونادز وودز و ستيف بيكو إلى زانبيلو حيث بنى بيكو هناك عيادة. تقع في زانيمبيلوا على بعد عشرين كيلومترا تقريبا من من مدينة الملك ويليام على سفح تلة جافة جدا ختى إنه لا يرى للمزارع أثر في الأفق. مراقبا بيكو رجلا الشرطة تبعاهما في سيارتيهما. نظر إليهما وودز في المرآة وسأله:" أيتبعانك إلى كل مكان؟"
ابتسم بيكو وأخرج يده من النافذة ولوح للسيارة التي خلفهما وقال:" هما يظنان أنهما يقومان بذلك."
وعلى قمة تلة في زانيمبيلو تقع العيادة. وأول شيء لاحظه وودز هو الكنسية, وبالإضافة كان هناك ثلاث مبان طويلة صغيرة مبنية من الخشب. وخارج أحد المباني ينتظر طابور من الناس: نساء مع أطفالهن وعجزة ونساء حوامل.
أوقف وودز سيارته وأنتظرت الشرطة خلفهم على مسافة أبعد في الشارع وسأل وهو يترجل من السيارة:" إذإ هذا هي؟ أجابه بيكو:" هذا هي" عيادة للناس السود بعمال سود وطبيب أسود.
خرجت مامفيلا من باب أحد المباني. كانت في معطف الطبيب الأبيض وبيدها أوراق وحالما رأتهم نوقفت وحدقت نحو وودز وبيكو ثم أومأت برأسها نحوهما وعادت إلى مرضاها.
نظر وودز إلى بيكو من فوق السيارة بتحد وسأله: أكان هذا المكان من بنات أفكارك أم منها؟
أجابه بيكو: كانت من بنات أفكار الكل. نظر إلى مامفيلا وأضاف: غير أننا محظوظون بها.
فكر وودز بأن العيادة هي على أية حال إنجاز مدهش بحد ذاته. هو يعلم بأن مجموعة بيكو السود الواعين يريدون أن ينشؤوا منظماتهم الخاصة بهم غير أن وودز نفسه يعتقد بأن جنوب إفريقيا محتاجة إلى منظمات حيث يعمل البيض والسود معا.
سأله وودز: إذا كان لديك طبيب ليبرالي أبيض يعمل هنا فلن يخدم هذا هدفك؟
قال بيكو وقد أصبح جديا أكثر من أي وقت سمعه وودز: عندما كنت طالبا أدركت فجأة أنها لم تكن فقط الوظيفة خلقها البيض التي من أجلها أدرس. التاريخ الذي نقرأه صنعه رجال بيض, وكتبه رجال بيض. التلفاز.... الطب..... السيارة وخبط بيده على سقف المرسيدس – وتوقف هنيهة كله اخترعه رجال بيض وحتى كرة القدم. في عالم كهذا من الصعب ألا تعتقد أن هناك شيئا غيرسوي كونك ولدت أسودا. توقف بيكو مرة أخرى وحدق خلفه نحو رجلي الشرطة الذين يراقبانه من مسافة : بدأت أفكر بأن هذا الشعور هو مشكلة أعظم مما يفعله النظام بنا. وببطء توجه بنظره نحو وودز: أول شيء ارتأيته أنه يجب على الرجل الأسود أن يعتقد أنه يملك من الطاقات نفسها التي يملكها الرجل الأبيض ليصبح طبيبا أو قائدا.
أومأ وودز برأسه. وقد استوعب أفكار بيكو وأعجب بالرجل الذي يحملها. نظر بيكو نحو العيادة وقال: لهذا بدأنا بالعيادة. وغلطتي كانت أني كتبت بعضا من أفكاري.
ــ ألهذا فرضت الحكومة عليك الإقامة الجبرية ؟
أومأ بيكو برأسه وأضاف: وبدأ رئيس التحرير الليبرالي الأبيض بالتهجم علي.
انتفض وودز محتجا: أنا هاجمتك للعنصرية التي تروج لها ولرفضك العمل مع الليبراليين البيض.
ابتسم بيكو وقال: كم عمرك سيد وودز؟
أجاب وودز بعد تردد وبدا منزعجا قليلا من السؤال: اثنين وأربعين عاما إذا كان هذا يصنع أي فرق.
حدق بيكو إليه وقال ببطء: جنوب إفريقي أبيض.... ورجل صحفي عمره اثنتان وأربعون سنة. هل قضيت وقتا في قرى صفيح للسود؟
تردد وودز مرة أخرى. هو قاد سيارته خلال العديد من قرى الصفيح ولكن لم يسبق لجنوب إفريقي أبيض أن أمضى أي وقت في أي من إحداها.
- أنا..... أنا مررت بالعديد منها.
ابتسم بيكو وقال: لا داعي لأن تشعر بالحرج. فأنا لا أظن - ما عدا رجال الشرطة - أن واحدا من كل ألف جنوب إفريقي أبيض أمضى أي وقت في قرى صفيح للسود. توقف بيكو عن التبسم على الحرج الذي اعترى وودز وأصبح صوته أكثر دفئا كما لو أنه كان يتحدث إلى صديق قديم وقال بهدوء: أرأيت. نحن نعرف كيف تعيش. نحن الذين نطبخ لك طعامك وننظف لك قمامتك, ونقطع لك الأعشاب. هل تحب أن تعرف كيف نعيش نحن التسعون بالمئة من سكان جنوب إفريقيا الذين يرغمون على إخلاء شوارعك البيضاء الساعة السادسة مساء؟
لم يكن تحديا أجوفا فقد عناه بيكو (لحاجة في نفس يعقوب) .
في وقت من عصر ذلك اليوم ذهب وودز إلى البيت ومن ثم إلى بركة السباحة وكان أربعة من أطفاله الخمسة في البيت. ثلاثة صبية وهم: دنكان و ديلون و جافين يتناضحون الماء معه. وأما ماري التي تبلغ خمس سنوات وهي أصغر أفراد العائلة فقد كانت تلعب على جانب البركة. وهناك كلبهم الكبير تشارلي يقفز ويهبط هنا وهناك مستمتعا بكل هذه الضجة. سبح وودز آخر الأمر إلى الحافة بينما الأطفال يطاردونه ويرشرشون الماء عليه. خرج وودز سريعا من البركة ركض مسرعا إلى الدش الذي كان في الحديقة بجوار البركة.
صاح وودز على الأطفال وهو يدير صمام الدش: سأكتب إلى معلمكم وأقول له أن يعطيكم مزيدا من الواجبات.
وبينما كان يخرج من الدش رجعت زوجه ويندي وابنته جين أكبر أطفالهما التي تبلغ الرابعة عشرة من عمرها. تركت ويندي المشتريات في السيارة وأتت إلى الحديقة لتحيي وودز.
وسألته ويندي بنما تشارلي يتقافز نحوها: ها؟ كيف بدا؟
فرك وودز شعره بمنشفه وقال: حسنا هو يبدو كما هو في صوره: شاب طويل ووسيم.
- دونالد! عنيت أي نوع من الناس هو.
كانت ويندي سياسية ليبرالية أكثر من دونالد نفسه غير أنها لا تتفق مع منظمة السود الواعيين.
جلس وودز وقال: لست متأكدا. هناك في زانيمبيلو بنوا عيادة. وكل فرد يعمل هناك هو من السود. يجب أن تريها حيث يأتي الناس إلى هناك من مسافة أميال. نظرت إليه ويندي متشككة وسألته: من أين يحصلون على المال؟
- من الكنائس ومن الخارج ومن الناس السود. حتى بعض الشركات تمنحهم المال.
سألته ويندي بدهشة: شركات جنوب إفريقية؟ أجابها وودز: هذا صحيح وما يثير العجب أن أحد الأشخاص المرموقين سمع بيكو وهو يخطب وقد سحره خطابه. ويجب أن أقول لك إنه مؤثر حقا.
أحضرت إيفالين خادمتهم السمراء إلى ويندي كوبا من عصير البرتقال ووضعته على الطاولة. ثم خرجت إلى الحديقة ومنها إلى السيارة لجلب الأغراض.
سألته ويندي: هو لم يقنعك أن منظمة السود الواعيين على صواب. أليس كذلك؟
تردد وودز وقال: لا غير أني موافق أن أزور تجمعات للسود برفقته.
كانت ويندي صامتة تتعجب كيف أقنع بيكو زوجها ليقوم بهذا. سألته أخيرا: ولكنه محكوم عليه بالإقامة الجبرية... أنى له أن يذهب إلى أي مكان معك؟
هز وودز رأسه متبسما على وجه ويندي المتعجب وانحنى إلى الأمام وقبلها وقال: لست متأكدا ولكني مصمم أن أجد طريقة لذلك.



يتبع
 
التعديل الأخير:

سألملم تبعثرآتي

¬°•| عضو مميز جدا |•°¬
إنضم
1 أغسطس 2012
المشاركات
733
العمر
29
الإقامة
حًيْثُ لآ يًـكَـوْوْوْنْ أحًـدْ ..~
قريت بس مافهمت وادد بثبب الاثماء :19:

عموما اعجبتني شخصية ذاك اللي :19:يتهجم لامور تعني بتظلم السود

والحمدلله ديننا الاسلام ومابيينا فرق ^^

ماقصرت ابو رسيل يعله في ميزان حسناتك افتر راسي ههههههههههه >::s26::

ثـآآآآآآنكيووووووووه يوووووووووووووه يوووووووووووووووه يووووووووووووووه يووووووووووووووه
تحياتي .. %% غلآ ـآلمعمري %%
 

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
[4]


لبس بيكو معطف للجيش بني قديم يلبسه جميع العمال السود وقبعة قديمة. هذه الليلة وبعد ثلاثة أسابيع من لقائهما الأول سيذهب بيكو مع وودز إلى قرية صفيح للسود خارج مدينة إيست لندن.
سألته مامفيلا: إنها لا تستحق المخاطرة. أليس كذلك ستيف؟
ابتسم بيكو وقال : تثقيف الليبرالي الأبيض؟ إنه واجب. لم تبتسم مامفيلا وقالت: إذا أمسكوا بك خارج منطقة إقامتك الجبرية سوف تزج في السجن. والسيد وودز سوف يكتب فقط إلى مجلس إدارة الصحيفة رسالة تبرير. أجابها بيكو: هذا ما ندعوه العدل في جنوب إفريقيا. ألا تعلمين ذلك؟
ابتسمت مامفيلا وجلست على الآلة الكاتبة. كانت في مكتب بيكو تعمل على خطاب من المقرر أن يلقيه.
قالت:" لا أرغب بأن يزجوا بك في السجن مرة أخرى".
قال بيكو بشيء من الثقة: " عندما أشعل المصباح فإن أحدا ما سيجلس إلى مكتبي يقرأ ما كتبته حتى أعود إليه. هذا كل ما في الأمر".
ارتدى وودز ملابس قديمة لزيارة قرية السود. قاد سيارته إلى خارج إيست لندن ثم أوقفها على طريق ترابي صغير يبعد خمسة كيلومترات عن البلدة حيث جلس ينتظر هناك. انقضت بضع دقائق قبل أن تقف بجنبه سيارة اجرة سوداء اللون. وانفتح الباب.
صاح به مابتيلا حاثا إياه: هيا يا رجل اصعد. ودفعه نحو المقعد الخلفي. لم يكن هذا بالشيء السهل إذ يوجد فيذلك المقعد ثلاثة رجال سود آخرين ثم صعد مابتيلا على اثره وصفق بالباب بعنف.
وانطلقت السيارة مسرعة ونظر جون كومزا سائق السيارة في المرآة بقلق وقال: دعه يجلس في الوسط فنحن لا نريد أن تجلسه في مكان حيث لا يمكن لاحد ان يخطئه. فجذبه مابتيلا إلى أسفل حيث حشره بين رجلين منهم. كان وودز قد التقى مابتيلا موهابي الذي يعمل في العيادة بزانيمبيلو.
قال له مابتيلا غاضبا: لقد قلت بانك ستلبس ملابس قديمة
رد عليه وودز محتجا: ولكني قد فعلت.
صاح مابتيلا برجل من القوم قائلا: داني, اعطه قبعتك.
خلع داني قبعته القذرة من على راسه فدفعها مامبتيلا على شعر وودز الرمادي.
صاح بهم جون من مقعد القيادة:" هيه انتم في الخلف, ضعوا القبعة على رأسه طول الطريق". كان جون كومزا قد التقى ببيكو في الجامعه وهو أحد قادة منظمة الطلبة السود برئاسة بيكو.
دفع مامبتيلا القبعة إلى رأس وودز ولان وودز كان محشورا بين الركاب فلم يستطع أن يعدل القبعة نفسه وقال للمابتيلا: هلا دفعت عن عيني الشعر أيضا؟ وابتسم مابتيلا للمرة الأولى.
كانت السيارة التي يستقلونها سوداء اللون وبموجب القانون فإن بعض سيارات الأجرة تكون للبيض فقط وبعضها يكون للسود فقط. وعادة ما تكون سيارات الأجرة السود قديمة جدا وتحمل من الركاب قدر ما تستطيع أن تحشر بين جنباتها. انعطف جون بالسيارة نحو طريق صغير حيث ظهر بيكو من خلف شجرة أكاسيا صغيرة. جلس بيكو في المقعد الأمامي وكان أحد الرجال الجالسين في المقعد الأمامي قد انزوى عن المقعد وجلس على ركبتيه. وقد اكتمل ببيكو عدد الرجال إلى أربعه في المقعد الأمامي وخمسة في المقعد الخلفي.
التفت بيكو إلى الخلف ونظر إلى وودز وقال له:" هيه, مرتاح؟
ضحك الجميع وانبرى مابتيلا:" بحق الجحيم لقد حصل على أفضل مقعد".
هب وودز ليدفع عن نفسه قائلا:" هيه يا صاح, أنا مرتاح كفاية ولا تنس أني قد ربيت في أرض يقطنها السود"
أجابه بيكو:" نعم أعلم فلولا جيرانك البيض لما قدت المرسيدس فليبرالي أبيض مثلك يود حقا أن يستقل الحافلات وسيارات الأجرة مثلنا سواء بسواء".
وهنا ضحك الجميع مرة أخرى.
كان الجو في السيارة يغلب عليه طابع المرح والمغامرة وكل واحد الرجال كان يضحك مع الآخر. ولكن ما إن بلغت سيارة الأجرة مشارف قرية السود خارج مدينة إيست لندن واتأدت في مشيتها على طريق طويل ومغبر من أثر الحافلات وسيارات الأجرة الأخرى حتى تغير المزاج. كان الجميع صموتا وهم يجدقون إلى جموع الناس التي تمشي في الطرقات الجانبية. وقد أحس وودز وهو ينظر إلى جميع الوجوه السود التعبة والتي خلت من البشاشة بأن كل عالم السود الذي ظن بأنه يعرفه حق المعرفة يحيا حياة لم يكن يعيها مطلقا.
كان اليوم يميل إلى الغروب الآن وقد طافوا في الشوارع حتى خلا معظمها من المارة وأصبح الوقت مساءا.
قال لهم بيكو أخيرا:" دعونا نمدد أطرافنا قليلا." أوقف جون السيارة وخرجوا متيبسة أطرافهم كلهم, ينحنون ويمدون أذرعهم وأرجلهم. انتصب بيكو أخيرا ونظر إلى وودز يتفحص وجه بعينيه. ثم ابتسم قليلا وقال:" هيا بنا نتمشى".
قاد بيكو وودز في الشارع الرئيس إلى طريق جانبي صغير, ومشى جون ومابتيلا خلفهما لحراستهما. مشيا بين البيوت الصغيرة الذي كان بعضها فيه أنوار كهربائية وبعضها فيه مصابيح الزيت. وعلا دخان صادر من احتراق أخشاب الساحة كلها حيث كان عدد من الكهول يطبخون على النار في الخارج. كانت النساء يحملن جرادل الماء من الحنفيات في الشارع. ووقف الرجال على أعتاب أبوابهم يرقبون الشارع. ومرتين قد شوهدت عصابات من المراهقين يجوبون الشوارع بحثا عن المتاعب. لقد كان عالما جديدا بالنسبة لوودز.
انعطفوا في شارع حيث شاهدوا صبيا صغيرا ينظر من باب أحد البيوت. كان يتفحص الشارع درا للخطر ونظر إلى وودز وبيكو ثم ركض بأقصى ما يستطيع إلى بيت آخر أسفل الشارع.
نطق بيكو للمرة الأولى: اركض بني, اركض. قالها بهدوء وهم يشاهدون الصبي يركض. التفت إلى وودز وقال:" أغلب النساء هنا يعملن خادمات منازل ولذا فإنهن لا يرين أطفالهن إلا لساعات في أيام الآحاد, هذا كل مل في الأمر. هذا المكان مليء بالعنف, وأنا مندهش من أن الأطفال ما زالوا يستطيعون الحياة هنا."
استفسره وودز قائلا:" هل ترعرعت في قرية؟"
-معظم عمري. مات أبي عندما كنت في السابعة عشرة وتغربت لسنتين في المدرسة حيث تعلمت على يدي رهبان ألمان وسويسريين. ولكنك إذا حييت في قرية وحصلت على التعليم مثل الذي يعطيك إياه الرجل الأبيض, ثم ذهبت إلى العمل في مدينتهم ورأيت بيوتهم وشوارعهم وسياراتهم فإنك ستبدأ بالإحساس من أن هناك شيئا ما غير منطقي بالنسبة لك. شيء بسبب سوادك لأنه لا يهم مدى غباء أو ذكاء الطفل الأبيض فهو ولد في عالم البيض. ولكنك أنت, الطفل الأسود, ذكيا كنت أم غبيا, فإنك ستولد تولد في هذا المكان وذكيا كنت أم غبيا ستموت فيه.
التفت عينا بيكو إلى وودز ولم يشأ وودز أن يرد على كلمات بيكو ومشوا صامتين. ثم تكلم بيكو مرة أخرى: وحتى المكوث في قرية مصرح به كهذه, فإن المدير الأبيض يجب أن يوقع على خروجك كل شهر, وحكومة البيض تقول لك أي بيت تعيش فيه وكم إيجاره. فأنت لا تستطيع أن تتملك أرضا خاصة بك ولا أن تورث أي شيء لأطفالك. فالأرض مملوكة للرجال البيض, وأنت كل ما تحصل عليه تعطيه لأطفالك.
." وتحسس بيكو جلد وجهه الأسود.
لم يفهم وودز أبدا قبل ذلك فراغ ويأس المجتمعات السوداء. وجعلته كلمات بيكو يفهم ذلك في تلك الليلة, وكل ما حوله, جعله يدرك بأن كل شيء حوله حي.



يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شاء الله
 

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
[5]
بعد فترة وجيزة قال له بيكو: تعال, سآخذك لتتناول الطعام مع عائلة سوداء تقطن هنا. كان بيت الصفيح الصغير الذي قصدوه مقسما إلى اربعة غرف. وهو بيت تينجي متينتسو شابة صغيرة وجميلة في العشرين من عمرها وتعمل ممرضة في العيادة في زانيمبيلو وقد كانت هناك لترحب بهم. في تلك الغرف كانت تعيش عائلة كبيرة من أب وأم وابن وعم وعمة وثلاثة أطفال وأربعة آخرين أولاد عم.
كانت الوجبة نفسها تتكون من حساء لحم مع أرز وخبز في صحون كبيرة. ولم تكن هناك في البيت كهرباء فقط مصباحان بالزيت معلقان في السقف. وزع بيكو البيرة علو الجميع وكان مبتسما واضعا ذراعيه حول عمة تينجي. كان عشاء صاخبا ومرحا.
قال وودز: أتعلم! هذا يشعرني وكأني في البيت. كان أبي يملك محلا في هوملاند وكنا في أحايين كثيرة العائلة البيضاء الوحيدة التي على بعد أميال. أراد وودز أن يبهرهم ولكن الذي لم يقله هو أنه طول تلك السنوات لم يأكل مع عائلة سوداء.
انبرى مابتيلا وقال: هوملاندس ليست بوطن لنا والأرض ليست صالحة ولهذا أرادتنا الحكومة أن نذهب ونعيش هناك
بعد العشاء قامت النساء بغسل الصحون وجلب الماء من حنفية في الخارج وتسخينه على آلة الطبخ. ثم بدأن بغسل ملابس العمل. وجلس الرجال يتحدثون بعضهم على كراسي وبعضهم الآخر افترش الأرضية.
ابتدر مابتيلا: أنا سأقول لك ماذا حدث عندما قدم الرجل الأبيض في البداية إلى إفريقيا. قال في البداية: هل تمانعون إذا مررت من هنا؟ قلنا له: بالطبع لا يا رجل فهذه الأرض تعود للرب. ثم رجع وقال: هل تمانعون إذا أحضرت زوجني وأطفالي؟ قلنا له: بالطبع لا فهناك الكثير من الأراضي, ونحن ذاهبون للصيد خلف التلال لبضعة أيام. ثم وجد الرجل الأبيض مكانا أحبه وسوره وقال: سوف أعمل مزرعة هنا. قلنا له: حسن أيها الصديق . ونحن سوف ندور من حولك. ثم وسع الرجل الأبيض سوره بعيدا وقال: هيه انظروا, عندما تمرون بي فإنكم تجفلون أبقاري فلا تأتوا من هذه الطريق. فارتحلنا. ولكن الرجل الأبيض شهر بندقيته في وجوهنا وقال: هيه اسمعوا, نحن لا نستطيع أن ندع الناس تحوم حول المكان كله كما هو الآن. يجب أن تحصلوا على تصريح حتى نعلم من هو ذ1هب ومن هو آيب.
ابتسم وودز ونظر إلى بيكو الذي كان جالسا بجنبه.
- أنا لا أدافع عن الماضي ولكن إذا كففتم عن الإستماع لستيف بيكو وتركتمونا نكون ليبراليين تدريجيا بدمجكم في مجتمعنا فحينها...
قالت تينجي التي وضعت قربة الماء التي كانت تحملها: نعم أنت تريد أن تمنحنا تعليما أفضل قليلا فنحصل على وظائف أحسن قليلا...
قال وودز: في البداية , ربما ولكن فقط في البداية وفي المدى ...
قاطعه جون قائلا: في البداية أو في النهاية, ما تقوله هو أن مجتمعك هو أفضل من مجتمعنا فيعني أنكم أنتم الليبراليون سوف تدرسوننا كيف نأتي الأشياء بطريقتكم.
قال بيكو: نحن لا نريد أن نندمج في مجتمعكم قسرا. فأنا سوف أكون أنا كما أنا وتستطيع حينها أن تزج بي في السجن وحتى أن تقتلني ولكني لن أكون كما تريدني أن أكون.
لم تعد هناك ابتسامات الآن. وشعر وودز بالغضب في الحجرة. حاول أن يبقى هادئا ومنطقيا.
-هناك بعض الإيجابيات في مجتمعنا مثل:أن أطفالا رضعا بيضا يموتون, وعندنا المزيد من...
قاطعه بيكو: البنادق والقنابل والقلق. أنتم تستطيعون أن تفجروا الأرض كلها إذا اقترف شخص واحد خطأ. ففي مجتمعكم الأبيض عندما تطرق على باب أحدهم سيقول إذا كان شخصا لطيفا: ماذا أستطيع عمله لكم؟ هو يظن بأن أولئك الناس جاؤوه لأخذ شيء منه. ولكننا لا نفكر بالمثل. نحن فقط نقول: هيا تعالوا. نحن نحب الناس ولا نظن بأن الحياة هي تنافس أبدي.
ضحك وودز ورد عليه بيكو بابتسامه.
-أنت تقول بأنك ترعرعت مع السود فهل لاحظت بأن جميع أغانينا هي أغان جماعية, وليست كما يغني أحدهم للقمر كم هو وحيد؟ فضحك وودز وأومأ برأسه.
كانت تينجي قد فرغت من غسل ملابس عملها وشرعت حينها في تعليقهم فوق آلة الطبخ استعداد للغد. وقالت وهي تندفع لتنظر إلى وودز: نحن ندرك بأن قوى البيض العظيمة قد أعطت العالم الصناعة والطب. ولكن مجتمعنا ربما يملك شيئا ليمنحه للآخرين أيضا بتعليمهم كيف يتعايشون معا. ونحن لا نريد أن نفقد ذلك.
قالت عمة تينجي: أنها محقة فهذه البلاد إفريقية. دعونا نحوز أرضنا بطريقتنا نحن ومن ثم سوف نأتي معا مع إخواننا وأخواتنا البيض ونجد طريقة للعيش في سلام. ولن تكون فقط طريقتكم أنتم.
أقر وودز وقال: هذا يبدو عدلا. ولكنكم لا تستطيعون التراجع فالقرن العشرين يندفع بنا جميعا.
قالت مابتيلا بمرارة: ولكننا نريد أن نندفع إلى أن يحين وقتنا. وأفضل ما عندك لنا هو أن نجلس على مائدتك بشوكتك وسكينك وإذا فعلناها بالطريقة الصحيحة فسوف تتعطف علينا وتسمح لنا بالمكوث. وأما نحن فنريد أن نجعل المائدة نظيفة لأنها مائدة إفريقية. وسوف نجلس على المائدة بطريقتنا نحن.
حدق وودز إلى مابتيلا بصمت فهو لم بسمع قط أبدا مثل هذه المرارة وحاول أن يتفهم غضبه. لمس جزن يده وقال: سوف تجلس أنت على تلك المائدة أيضا. نحن نعلم أن هذه بلادك كما هي بلادنا. ولكنك لن تجلس كسيد ولكن كأحد أفراد العائلة.

تنهد وودز وقال: أنا مرتاح لأنكم تخططون أن تسمحوا لنا بالجلوس أخيرا.
تبسم الجميع على هذا التعقيب وصب عم تينجي مزيدا من البيرة في كأس وودز وقال: أنت تفهم لغتنا وتعلم أن الكلمة التي نستخدمها للدلالة على nephew بلغتنا هي ابن أخي. و تينجي لا تدعو زوجتي ب aunt بل أخت أمها. فليس لدينا كلمات متباعدة للدلالة على أفراد العائلة – فجميعها يبدأ بأخ أو أخت, ونحن نعتني يبعضنا البعض.
كان وودز قد تعلم الأفريكانية صغيرا ويعلم أن ذلك كان صحيحا. وقدأدرك الآن أنها قد تكون وسيلة لجعل العائلة معا.
أضاف مابتيلا: في تقاليدنا القروية لا يوجد رجال جوعى والأرض مشاعة للجميع فلا ترى أحدا ينام في الشوارع ولا ترى أطفالا مطرحين. حاملة مزيدا من الثياب للغسيل, توقفت تينجي وقالت: لدينا كثير من الأشياء الجيدة التي لم يستطع مجتمعك أن يجد لها حلا.
تبسم وودز في وجهها وقال: لديكم أنتم حروب قبلية, أنتم تعلمون, في أرضكم هذه.
سأله بيكو: ماذا تدعو إذا الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية؟
كانت هناك لحظة صمت ومن ثم ضحك الجميع كلهم. وقال وودز: أنتم ترصفون الكلمات رصفا ولكن هناك شيئا ما فيهن يخيفني.
اندفع مابتيلا وقال: بالطبع يوجد هناك ففي عالمك كل شيء أبيض-وهو ما يجب أن يكون عليه العالم- هو شيء عادي وأن كل شيء أسود هو خطيئة أو نوع من الخطيئة.
أضاف بيكو: وإن إنجازك الحقيقي هو أنك لسنوات قد أقنعت معظمنا بهذه الفكرة. أحس وودز بأن هذه لم تكن الحقيقة كاملة .
-لم تكن أنت عادلا لكثير من الناس الذين...
ولكن بيكو لم يدعه ينهي كلامه, وقال بهدوء: في الواقع إن حالتنا هذه بسيطة جدا فنحن نؤمن بالرب الخبير ونحن نعلم بأنه يعلم ما يفعل عندما خلق الإنسان الأسود تماما عندما خلق الإنسان الأبيض...
حدق بيكو وودز في بعضهما البعض وأثرت فيه الكلمات المحتدة أكثر من أي شيء آخر رآه في ذلك اليوم الحافل كله.




يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شاء الله

 

أحمد الشامسي

¬°•| فخر المنتدى |•°¬
إنضم
25 أبريل 2010
المشاركات
2,108
موضووع مميز ..

روعه ما شاءالله
 

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
6
المجابهة
بعد ستة أسابيع وفي صباح أحد الأيام وصل دونالد وودز متأخرا إلى مكاتب الديلي ديسباتش وخلفه تينجي ومابتيلا. كان وودز يعلم أنهما متوترين وهما يدخلان مركز قوة البيض وموطن نفوذه. توقف الناس ليشاهدوهم وهم يمشون مسرعين خلال غرفة الأخبار وسكب أحد الصحفيين كل قهوته على المكتب ولم يشعر حتى دخل ثلاثتهم إلى مكتب وودز.
كان كين روبيرتسون جالسا يقرأ على حافة مكتب وودز عندما دخل وودز فرفع رأسه ليتكلم ولكنه أمسك عن الكلام فاغرا فاه.
علق وودز معطفه خلف كرسيه وقال: كين... هذان تينجي متنيتسو ومابتيلا موهابي, وهما من قرية الملك وليام. أنا سعيد لأن مجلس الإدارة قد سمح بتعيينهما هنا.
حدق كين في وودز ثم في تينجي ومابتيلا. إنهما بلا شك زنجيان. وكان كين قد سمع بأن اجتماع مجلس الإدارة بالأمس كان صاخبا ولكنه لم يكن يتصور أنه بسبب هذين.
رفع وودز سماعة الهاتف وقال: آن... رجاء تعالي هنا لتقابلي المراسلين الجديدين. ثم التفت إلى كين وقال له: عندما ينتهيا من إلقاء نظرة على المكتب, أريدك أن تعلمهما كيف يستعملان آلات التصوير خاصتنا.
أومأ كين برأسه غير قادر على الكلام. ودخلت آن.
- آن... هذان تينجي ومابتيلا, خذيهما رجاء في جولة حول المكتب.
غمغمت آن: بالطبع. ونظرت إلى وودز لمزيد من الإيضاحات ولكن وودز شرع في النظر في الرسائل على مكتبه ولم يقل أي شيء آخر. استدارات آن وخرجت من المكتب برفقة تينجي ومابتيلا إلا كين لم يغادر.
بدأ كين وقال: أرجو المعذرة أيها الرئيس.. آحم... ولكن أين سيعملان؟
نظر إليه وودز وأشار بيده نحو مساحة المكتب المفتوح الكبير خلف جدار مكتبه الزجاجي: في غرفة الأخبار.
هز كين رأسه وقال: غرفة الأخبار. بالطبع. من كان سيفكر في أي شيء آخر؟ أخبرني, هل هذا فعل السحر الأسود لستيف بيكو؟
ابتسم وودز وقال: سوف يقومان بتغطية أخبار السود عن حفلات الأعراس والموسيقى والرياضة والجريمة. لا يوجد شيء غير قانوني في ذلك وسوف نحصل على قراء جدد. أوه أنا متأكد من أن القراء البيض سيكونون مسرورين! وعندما يبدأون في الكتابة عن وجدان السود – ورفع وودز كلتا يديه- سوف تكون أخبارا عظيمة.
كانت تلك في الحقيقة فكرة بيكو من أن وودز عليه أن يستعمل صحفيين من السود. وويندي التي زارت العيادة في زانيمبيلوا وأصبحت صديقة لمامفيلا ونتسيكي وبيكو نفسه ارتأت أن على وودز أن يستعمل امرأة من السود. وفي النهاية أقنع وودز نفسه من أنهم يحتاجون إلى امرأة ورجل من السود. وأخيرا وافق مجلس الإدارة.
لم يمض وقت طويل حتى دعى وودز كين للقائه خارج البلدة في عصر يوم من أيام الآحاد. أوقفا سيارتيهما خارج الطريق وبعد خمس دقائق ظهرت سيارة أجرة سوداء تحمل مابيتلا في المقعد الخلفي.
قال كين بإصرار: إلى أين نحن ذاهبون؟ هل علي أن أعلم عائلتي من أنني قد لا أعود؟
رد عليه مابتيلا: سوف تذهب إلى مباراة قدم للسود, والخطر الوحيد هو من أنك سوف تبلع الفكرة التي تقول من أن البيض هم أفضل لاعبي كرة قدم في هذه البلاد.
وفي الواقع يوجد عالم كامل لرياضة السود في جنوب إفريقيا إلا أنه لا توجد فرق وطنية بسبب قوانين المرور التي تحظر على السود حرية الحركة في البلاد.
عندما وصلوا إلى حقل كرة القدم كان هناك العديد من الناس. وبينما كانوا يمشون نحو مدرجات الملعب الصغير اعترضهم ثلاثة رجال طوال أشداء جاهزين لمنعهم من الدخول.
قال أحدهم: أرجو المعذرة, كيف أستطيع خدمتك؟
تقدم مابتيلا للأمام وقال: كل شيء على ما يرام. إنهم أصدقاء لستيف بيكو.
حدق فيه الرجل: بيكو؟ وقال ببرود: إنه في قرية الملك وليام ولا شأن له بهذه اللعبة.
احتج مابتيلا وقال: هيه رجل اسمع, لا تخف هؤلاء البيض هم...
وظهر فجأة جون كومز وهو يهرع إليهم وصاح بهم: لا بأس بهم. لقد سألهم ستيف بأن يحضروا. مرحبا سيد وودز. وصاح بالرجال الثلاثة مرة أخرى: هيه إذا كانوا من الأمن فإنهم لن ينتظروا إذا منكم.
قام أحد الرجال وأخذ آلة تصوير كين وقال: قد يكون لا بأس بهم ولكن هذه بالتأكيد لا.
قال جون بسرعة: نعم أنت محق. مابتيلا رجاء خذ آلة التصوير وضعها في سيارتي .وألقى جون المفاتيح إلى كين, وانتحى الرجال الأشداء حانبا ليدعو الرجلين الأبيضين يعبران إلى المدرجات رغم أنه ما يزال لا يبدو عليهم الرضا.
كان الفريقان قد دخلا للتو إلى الحقل ولكن الحشد كان يستمع إلى رجل يتحدث في الميكروفون.
سأل الرجل الحشد: لماذا يثير الرجل الأبيض المتاعب بيننا؟ كان الرجل يلبس لباسا بنيا مذهبا, إنه مزيمبي قائد أسود كان مطلوبا لشرطة الأمن بسبب أنه دعا علانية إلى ثورة العنف.
-لأننا حينما نتقاتل فيما بيننا يستطيع الرجل الأبيض أن يقنع أصدقاءه في وراء البحار من أنه من الصواب أن يقول لنا أين نعيش وكيف نعيش.
قاد جون ووزد وكين أعلى الدرجات إلى بعض المقاعد الخالية قرب قمة المدرج.
-هو يستطيع أن يستمر في الدفع لنا أقل مما يدفعه للرجل الأبيض نظير القيام بنفس الوظيفة. ويستطيع أن يستمر في تشريع قوانينه من دون أن يستمع إلى كلمة واحدة مما نقول! هتف الجمهور غاضبا وهب بعض الناس قياما.
-يجب علينا أن نظل يدا واحدة. لقد قتلوا في السنة الماضية أكثر من أربعمائة طالب أسود! وكشعب واحد يجب أن نجعل الرجل الأبيض يعلم من أن غاراته المجانية في ظهور العمال السود قد ولت! وإذا كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال الرسالة إليه التأكد من أنه لا يستطيع أن يخلد إلى النوم في سريره الأبيض الكبير وبيته الأبيض الكبير وأنه ليس بمأمن حينئذ فهذا ما يجب عليه أن يكون إذا.
صاح الحشد مؤيدا ورفع مزيمبي يديه. وأخيرا عمل مزيمبي إشارة بأن على الجمهور السكوت وبدأ الناس في الجلوس." والآن لدينا مفاجأة لكم. إنه خجول قليلا ولكن استمعوا إلى ما يجب أن يقوله, والآن", ولوح بيديه مستديرا واختفى في الحشد محميا بمجموعة من الحراس.
ولوهلة كان هناك صمت ثم بدأ صوت آخر في الحديث من خلال ميكروفون آخر: هذا أكبر اجتماع غبر شرعي رأيته في حياتي.
انفجر الجمهور ضحكا وتعرف وودز على صوت بيكو على الفور ولكنه لم يستطع أن يراه. تساءل وودز قلقا كيف سيتعامل بيكو مع الجمهور وهو لا يوافق على الدعوة إلى العنف.
-سمعت ما قاله المتحدث الأخير وأنا أتفق معه من أننا سوف نقوم بتغيير جنوب إفريقيا. صدقوني, إن الرجال البيض يمكن هزيمتهم! تفاعل الجمهور معه وتوقف وودز عن القلق.فبروحه المرحه ومواهبه اكتسب بيكو استحسان الجمهور. استمر بيكو قائلا: من حقنا أن نغضب ولكن دعونا نتذكر بأننا في هذا الكفاح لسنا لنقتل أحدا ولكن لنقتل الفكرة بأن أحد أجناس البشر هو أفضل من جنس بشر آخر. أومأ كين بيده إلى اليمين وقال: هناك ورآه وودز, كان في خلف المدرجات وبيده ميكرفون. كان حون عن يمينه ومابيتلا عن يساره وآخرون محيطين بهم.
-قتل الفكرة ليس منوطا بالرجل الأبيض. يجب علينا أن نتوقف عن استجداء الرجل الأبيض ليعطينا أي شيء. يجب علينا أن نملأ المجتمع الأسود بعزتنا نحن- وليس بشيء يعطينا إياه الرجل الأبيض, ولكن بشيء نصنعه بحياتنا نفسها.
كان الحشد يستمع بصمت الآن. حتى لاعبو كرة القدم افترشوا الملعب مستمعين.
تابع بيكو قائلا: يجب علينا أن نعلم أطفالنا تأريخ السود. نحكي لهم عن أبطالنا السود, عن مجتمعنا الأسود حتى إذا واجهوا الرجل الأبيض واجهوه معتقدين بأنهم متساوون.
وهنا تفاعل الجمهور هاتفا وبتصفيق متواصل. ومن ثم, وشدد عليها مؤكدا: ومن ثم سوف نقف في وجهه بأي طريق يختارها. مواجهة إن أرادها ولكن بيد مفتوحة أيضا لنقول بأننا نستطيع معا أن نبني جنوب إفريقيا جديرة بأن نتعايش فيها. جنوب إفريقيا لناس متساويين سودا أو بيضا. جنوب إفريقيا جميلة كهذه الأرض كجمالنا نحن.
رانت ثانية من الصمت ثم تفاعل الجمهور محييا ومصفقا ومصفرا- جميعهم وقفوا على أقدامهم. ووقف وودز مصفقا شأنه شأن أي أحد آخر. ونظر كين إليه في دهشة وأخيرا وقف شيئا فشيئا وشرع في التصفيق منضما إلى سائر الحشد.



يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شاء الله























 
أعلى