في بيتنا جاسوس

`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤

¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
إنضم
22 أكتوبر 2011
المشاركات
5,968
الإقامة
إنْ وابلاً، فَطَلْ
6e3b8a3c-285b-4d83-858a-075f76230349


من كان يظن أنه يتصفح الشبكة أو يتكلم بالهاتف وهو آمن محتفظ بخصوصيته بشكل مطلق فهو واهم، ومن كان يظن أن هناك من يراقب خطراته وسكناته وكلماته وأنفاسه على الشبكة في كل حين فهو أيضا واهم. وليس في هذا الكلام تناقض ولكنه يحتاج إلى بيان.

فالشبكة ليست الشاشة التي أمامنا، فما هي إلا مدخل وطرف في عالم فسيح، وعندما يقوم أحدنا مثلا بإدخال اسم موقع ليزوره، فلا يحسبن أن لا أحد يستطيع معرفة ما أدخله، بل كل ما يدخله من معلومات على الشبكة متاح لأطراف عديدة، ومن هؤلاء مزود الخدمة الذي عن طريقه يتصل المشترك بالشبكة، وصاحب الموقع الذي يتصفحه، ومحرك البحث الذي يبحث بواسطته، ومدير الشبكة الداخلية إن كان الاشتراك عن طريق شبكة في العمل أو في مقهى شبكي، علاوة على كل "قرصان" يسرح ويمرح على الشبكة، كل هؤلاء يستطيعون -إن شاؤوا- (ضعوا خطين تحت كلمة إن شاؤوا) أن يعلموا كل حركاتنا على الشبكة.

هذا من جهة، ولكن من جهة أخرى فإن كونك معرضاً للاختراق ليس معناه أن هناك من يراقبك على مدار الساعة، فالعدد الهائل للمستخدمين يجعل من المستحيل مراقبتهم جميعا، وتحتاج مراقبة كل عباد الله إلى جيش عرمرم من المراقبين لا طاقة لأي جهة بها.

تقولون لي: حيَّرتنا! هل نحن مراقبون أم لا؟ أقول: يمكن تلخيص الأمر بجملتين: نحن لسنا مراقبين، ولكننا معرضون للمراقبة، فليس علينا أن نخاف ونُذعر، بل علينا أن نحتاط ونحذر، وهاكم التفاصيل.

يمكن تصنيف انتهاكات الخصوصية على الشبكة، حسب الجهة المعرضة للاختراق، إلى نوعين: انتهاكات عامة، وانتهاكات خاصة.

أما الانتهاكات العامة فهي ما تجمعه الجهات المذكورة آنفا (مواقع ومحركات بحث.. إلخ)، من معلومات عنك، مثل هواياتك واهتماماتك وعاداتك في التسوق والتصفح، وكذلك -إن استطاعوا- بريدك الإلكتروني، وأرقام هواتفك إن وجدوها، وأي شيء يصل إلى أيديهم عنك، لاستخدام كل ذلك لأغراض مختلفة.

فمحركات البحث تستخدم ما تجمعه في توجيه الإعلانات التي تظهر عندما تتصفحها، فتظهر لك الإعلانات التي توافق اهتماماتك، وبعض المواقع التي تزورها تستخدم المعلومات لتدرس اهتمامات الزوار، ومعرفة الشرائح التي تزور صفحاتها فتقوم بتحديث مواقعها بناء على ذلك.

وبعض المواقع تبيع المعلومات بعد تصنيفها إلى شركات الدعاية والإعلان، وإلى الشركات التجارية لتقوم بدورها بالاتصال بك عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني للترويج لبضائعها.

"
البريد المعروض في المواقع يكون عرضة للاختراق، ويتعرض صاحبه للإزعاج، أما البريد الذي لا يعرفه إلا من تراسله، فهو غالبا مأمون محصن من معظم الاختراقات والإزعاجات
"
نصيحتان
بشكل عام، لا خطر حقيقي من الانتهاكات العامة أكثر من الإزعاج، فهم لا يقصدوني ويقصدونك لأني فلان بن علان، أو لأنك قحطان بن عدنان، بل يجمعون معلومات عامة. ولكن ليس معنى ذلك أن نطمئن فلا نحتاط، ونتيح معلوماتنا لمن شاء، لأن أي شيء نكتبه في الشبكة معرض للكشف، ويمكن تجنب معظم الإزعاجات باتباع نصيحتين هامتين.

الأولى أن لا نضع في أي موقع تواصل اجتماعي أو في أي مكان لا نثق فيه عناويننا وأرقام هواتفنا، وأن نوصي أولادنا بذلك، وبشكل عام، لا تضع على أي مكان في الشبكة أي معلومة لا تريد لغيرك أن يعرفها مهما كانت، ورحم الله من قال:

إذا أنت لم تحفظ لنفسك سِرَّها فسِرُّك عند الناس أفشى وأضيعُ

والنصيحة الثانية والهامة أن يكون لكل منا حسابان منفصلان للبريد الإلكتروني على الأقل، الأول للتسجيل في مواقع التواصل الاجتماعي أو أي موقع يتطلب التسجيل فيه، كالمنتديات، والقوائم البريدية، والثاني للمراسلات الشخصية فقط وإياك ثم إياك عزيزي القارئ أن تشترك فيه بموقع أو حملة ترويجية أو أي شيء آخر.

فالبريد المعروض في المواقع يكون عرضة للاختراق، ويتعرض صاحبه للإزعاج، أما البريد الذي لا يعرفه إلا من تراسله، فهو غالبا مأمون محصن من معظم الاختراقات والإزعاجات.

وأمر آخر هام، هو أن البريد المتاح على الشبكة يمكن استبداله في أي وقت إذا وصلت منه إزعاجات، وإن تم اختراقه فليس هناك أسرار يخشى عليها، في حين أن اختراق بريد المراسلة هو اختراق للخصوصية، وتبديله قد يوقع صاحبه في حرج مع الأشخاص الذين يراسلهم، فيجب عدم استعماله لغير المراسلة مع الأشخاص المعروفين.

أما الانتهاكات الخاصة، فليس منها خطر على الأشخاص العاديين (أمثالي وأمثالك)، لأنها غالبا ما تكون موجهة لكبار الشخصيات السياسية، وللبنوك ومديريها، وللشركات وكبرائها، وللدوائر الحكومية ووزرائها، وهذه الجهات -المحصنة عادة ضد الاختراق- يسعى لاختراقها عادة قراصنة محترفون، والمعركة بين هؤلاء وأولئك لا تنتهي، حتى غدت الحماية المطلقة أمرا مشكوكاً فيه، وما شهده العالم من تسريبات ويكيليكس هو أحد الأدلة على ذلك.



http://www.aljazeera.net/news/pages/d48a81e7-ccc3-4e5f-86f7-a72b3e5917b2?GoogleStatID=9
 
أعلى